الفصل الرابع:
رابعا:العداء ما بين اليهود والمسيحيين.
(حوار بين رجال دين مسيحي ورجال دين يهود)
العلاقة بين اليهودية والمسيحية معقدة
ومتشعبة، فالمسيحية نشأت وأخذت مفاهيمها الأولية من بيئة يهودية صرفة، ولا تزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية
إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوارة والتناخ والتي يطلقون عليها إلى جانب
عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس
لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه.
ويعتقد المسيحيون أن
النبؤات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح، وهذا السبب
الرئيس لتبجيل التوراة.
أما عن
العلاقة الإنسانية بين الطرفين فقد اتسمت بالتقلب: بدأت مع اضطهاد اليهود
للمسيحيين منذ أيام يسوع،[يوحنا 22/9] ودورهم في صلبه،[لوقا 2/22]
ثم يذكر سفرأعمال الرسل اضطهاد اليهود للمسيحيين،[أعمال 1/8-3]
(صلب القديس بطرس)
ولاحقًا قام ذو نواس اليهودي بقتل مئات الألوف من المسيحيين في اليمن حسب
بعض الباحثين.
ثم حدث تغيرًا جذريًّا
في نوع العلاقة بين اليهود والنصارى أدى إلى أوضاع مغايرة جدًّا لما كنا
نألفه عن العلاقة التقليدية بين الطائفتين!
(البروتستانت لا يكرمون العذراء ولا يطلبون شفاعتها)
فالتاريخ يخبرنا عن العلاقة
شديدة السوء بين اليهود والنصارى منذ قدم الزمن، ولقد استقبل اليهودُ
المسيحَ أسوأ
استقبال، واتهموا أمَّه العذراء البتول مريم عليها السلام بالفاحشة، وسعوا لدى
أمير القدس الروماني لكي يقتل المسيح ، بل
ويعتقد النصارى أن المسيح قد صُلب وقُتل بالفعل، وإن كنا نحن المسلمين نعتقد
اعتقادًا جازمًا أنه لم يُصلب ولم يقتل بل رفعه الله إليه.. قال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء: 157)
لكن إخواننا النصارى يعتقدون في الصلب
والقتل، وهذا أدى إلى انحراف عقائدي هائل، وكان من نتيجة هذا الانحراف أن
حمَّل النصارى اليهودَ هذا الذنب الضخم، ليس فقط لمن عاصر المسيح ولكن لكل يهود الدنيا، حتى صار اليهود
يعرفون في التراث المسيحي "بالأمة الملعونة"، وحتى صار النصارى
يتوارثون في كل وقتٍ كراهية اليهود. وكلنا يعلم ما طلبه أسقف القدس النصراني من عمر
بن الخطاب عند إجراء الصلح مع المسلمين من
اشتراط ألاَّ يسكن اليهود مدينة القدس المقدسة بحال من الأحوال.
(اضطهاد رهبان المسيحية في اسرائيل)
هذا كله تاريخ معروف،
والكراهية متبادلة بين الطرفين، وقد نقل الله - جل جلاله - هذه
الصورة لنا في قوله)وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ
النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ (البقرة: 113
ثم إذا بالأيام تدور، والأحداث تتغير، فنرى اليوم توافقًا عجيبًا بين
الطرفين، واستماتة نصرانية في الدفاع عن اليهود، أو إن شئت فقل: الدفاع عن أباطيل اليهود،
ونرى زيارات دينية متبادلة، وتأييد كنسيّ لكثير من قضايا اليهود، وخاصة
اليهود الذين يعيشون في فلسطين
ولٌكن قبل البحث في أسباب ذلك التحول في العلاقة ما بين النصارى واليهود
علينا قبل ذلك إلقاء الضوء على العداوة التي كانت سائدة ما بين الطرفين واضطهاد كل
فريق للآخر وذلك حتى ندرك عمق الخلاف الذي كان بينهما، وندرك أن هذا التحول من
العداوة إلى الصداقة يصب في مصلحة الفريقين لأنهما حولوا العداوة التي كانت بينهما
إلى عدو جديد وهو الإسلام ، فتعالوا بنا نرى كيف كان ذلك؟! وكيف تم ذلك؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق