السبت، 17 مارس 2012

سادسا وعشرون:الحملة الصليبية التاسعة الفصل الخامس: موقف الغرب ( المسيحية السياسية) من الإسلام (2) مختصر عن الحروب الصليبية سادسا وعشرون:الحملة الصليبية التاسعة


الفصل الخامس: موقف الغرب ( المسيحية السياسية) من الإسلام
(2) مختصر عن الحروب الصليبية
سادسا وعشرون:الحملة الصليبية التاسعة
تمهيد:
قاهر المغول الملك المظفر سيف الدين قطز 
اتخذ قطز القرار الجريء، وهو عزل السلطان الطفل نور الدين علي, واعتلاء قطز بنفسه عرش مصر, حدث هذا الأمر في الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة 657 هـ، أي قبل وصول هولاكو إلى حلب بأيام..

تمثال السـفاح جنكيز خان عليه لعائن الله فى اولان باتور عاصمة منغـوليا 
بينما كان قطز يعد الجيش والشعب للقاء التتار وصل رسل هولاكو يحملون رسالة تهديد لقطز جاء فيها:"بسم إله السماء الواجب حقه، الذي ملكنا أرضه، وسلّطنا على خلقه..الذي يعلم به الملك المظفر الذي هو من جنس "المماليك"..صاحب مصر وأعمالها، وسائر أمرائها وجندها وكتابها وعمالها، وباديها وحاضرها، وأكابرها وأصاغرها..أنّا جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلّطنا على من حل به غيظه..فلكم بجميع الأمصار معتبر، وعن عزمنا مزدجر..فاتعظوا بغيركم، وسلّموا إلينا أمركم..قبل أن ينكشف الغطاء، ويعود عليكم الخطأ..فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرق لمن اشتكى..فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد..فعليكم بالهرب، وعلينا بالطلب.. فأي أرض تأويكم؟ وأي بلاد تحميكم؟وأي ذلك ترى؟ ولنا الماء والثرى؟ فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من أيدينا مناص فخيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، ورماحنا خوارق، وسهامنا لواحق، وقلوبنا كالجبال، وعديدنا كالرمال. فالحصون لدينا لا تمنع، والجيوش لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يسمع, لأنكم أكلتم الحرام، وتعاظمتم عن رد السلام، وخنتم الأيمان، وفشا فيكم العقوق والعصيان..فابشروا بالمذلة والهوان وقد ثبت أن نحن الكفرة وأنتم الفجرة..وقد سلطنا عليكم من بيده الأمور المدبرة، والأحكام المقدرة..فكثيركم عندنا قليل، وعزيزكم لدينا ذليل، وبغير المذلة ما لملوككم عينا من سبيل..فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا رد الجواب..قبل أن تضرم الحرب نارها، وتوري شرارها.. فلا تجدون منا جاهاً ولا عزاً، ولا كتاباً ولا حرزاً، إذ أزتكم رماحنا أزاً..وتدهون منا بأعظمالرسالة،تصبح بلادكم منكم خالية، وعلى عروشها خاوية..فقد أنصفناكم، إذ أرسلنا إليكم، ومننا برسلنا عليكم"
هولاكو بجانب زوجته النصرانية طقز خاتون
جمع قطز القادة والمستشارين وأطلعهم على الرسالة ، وكان من رأي بعض القادة الاستسلام للتتار وتجنب ويلات الحرب, فما كان من قطز إلا أن قال :" أنا ألقى التتار بنفسي .. يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون من بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، وإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين (عن القتال)"، فتحمس القواد والأمراء لرؤيتهم قائدهم يقرر الخروج لمحاربة التتار بنفسه، بدلاً من أن يرسل جيشاً ويبقى هو.

قطز.. قهر المغول وطعنه الرفاق
ثم وقف يخاطب الأمراء وهو يبكي ويقول:
)يا أمراء المسلمين، من للإسلام إن لم نكن نحن(
فقام الأمراء يعلنون موافقتهم على الجهاد، وعلى مواجهة التتار مهما كان الثمن،وقام قطز بقطع أعناق الرسل الأربع و عشرين الذين أرسلهم إليه هولاكو بالرسالة التهديدية، وعلّق رءوسهم على باب زويلة بالقاهرة بعد أن طافت بهم الجمال مصلوبين على ظهورها أحياء القاهرة ازلالا لهم " و ابقي علي الخامس و العشرين ليحمل الأجساد لهولاكو, وأُرسل الرسل في الديار المصرية تنادى بالجهاد في سبيل الله ووجوبه و فضائله وكان العز بن عبد السلام ينادى في الناس بنفسه فهب نفر كثير ليكونوا قلب وميسرة جيش المسلمين أما القوات النظامية من المماليك فكونت الميمنة و اختبأت بقيتها خلف التلال لتحسم المعركة.
فى المنتصف بيبرس استدرج المغول، هجم المغول على قطز فى الميسره ، قطز هاجم من ثلاث جهات.
عام1261 كانت بداية النهاية للإعصار المغولي المدمر في معركة عين جالوت المعركة عاد المماليك الهاربين إلى الشام والكرك إلى مصر وعلى رأسهم ركن الدين بيبرس وقلاوون الالفى بعد أن دعاهم السلطان لتنحية الخلافات الشخصية جانبا والتفرغ لعدو الأمة وإعطائهم الأمان.
خرج جيش المسلمين من القاهرة تتقدمة فرقة استطلاع بقيادة بيبرس اشتبكت مع طلائع المغول بغزة وانتصرت علية فستبشر المسلمين خيرا
خطة المعركة من الله على فرسان هذه الحقبة وعلى رأسهم السلطان سيف الدين قطز وركن الدين بيبرس بفن إدارة المعركة ووضعت الخطة على هذا الأساس أن يهاجم المسلمون ببضع ألاف جيش المغول المنحدر نحوهم ويكمن ثلثي الجيش أو أكثر خلف الجبال وبعد تناوش يتظاهر فيه قادة الفيلق المهاجم بالهزيمة ويتقهقرون مندفعين إلى الخلف فسينخدع المغول والتتار ويظنون انكسار جيش المسلمين أمامهم كما اعتدوا عند لقاءهم في معاركهم لقادة سابقين وسيندفعون بأكثر جيشهم خلف المتقهقرين بشدة للوثوب عليهم وهنا يخرج الجيش مندفعا من مخبأه ويتصدى لهم فيقع في صفوفهم الارتباك والهلع ويمكن اختراق قلب جيشهم وفصله عن ميسرته وميمنته.
معركة عين جالوت
وعلى نسق دقيق تم تنفيذ الخطة بأحكام وانطلت الفكرة على الأعداء ودارت رحى المعركة،كانت الحرب ضارية.. أخرج التتار فيها كل إمكانياتهم، وظهر تفوق الميمنة التترية التي كانت تضغط على الجناح الأيسر للقوات الإسلامية، وبدأت القوات الإسلامية تتراجع تحت الضغط الرهيب للتتار، وبدأ التتار يخترقون الميسرة الإسلامية، وبدأ الشهداء يسقطون، ولو أكمل التتار اختراقهم للميسرة فسيلتفون حول الجيش الإسلامي.
 كان قطز يقف في مكان عال خلف الصفوف يراقب الموقف بكامله، ويوجه فِرَق الجيش إلى سد الثغرات، ويخطط لكل كبيرة وصغيرة, وشاهد قطز المعاناة التي تعيشها ميسرة المسلمين، فدفع إليها بآخر الفرق النظامية من خلف التلال، ولكن الضغط التتري استمر.
جنود المغول
فما كان من قطز إلا أن نزل ساحة القتال بنفسه.. وذلك لتثبيت الجنود ورفع روحهم المعنوية, ألقى بخوذته على الأرض تعبيراً عن اشتياقه للشهادة، وعدم خوفه من الموت، وأطلق صيحته الشهيرة:"واإسلاماه"
وقاتل قطز مع الجيش قتالاً شديداً ، حتى صوب أحد التتر سهمه نحو قطز فأخطأه ولكنه أصاب الفرس الذي كان يركب عليه فقُتل الفرسُ من ساعته، فترجل قطز على الأرض، وقاتل ماشياً لا خيل له. ورآه أحد الأمراء وهو يقاتل ماشياً، فجاء إليه مسرعاً، وتنازل له عن فرسه، إلا أن قطز امتنع، وقال: "ما كنت لأحرم المسلمين نفعك!!"وظل يقاتل ماشياً إلى أن أتوه بفرس من الخيول الاحتياطية
وقد لامه بعض الأمراء على هذا الموقف وقالوا له:" لمَ لمْ تركب فرس فلان؟ فلو أن بعض الأعداء رآك لقتلك، وهلك الإسلام بسببك."
فقال قطز: "أما أنا كنت أروح إلى الجنة، وأما الإسلام فله رب لا يضيعه، وقد قتل فلان وفلان وفلان... حتى عد خلقاً من الملوك (مثل عمر وعثمان وعلي والأمير الذي شق صفوف المغول بأرض المعركة في شجاعة لا يبالى بالساهم التي رشقته والحرب التي تصدته والسيوف التي قضته ودفع رمحه في غضبة مؤمن غيور على دينة لتجد مستقرها في حلق كتبغا قائد المغول الكافرين الذين هو كأوراق الخريف عندما تهاوى قائدهم".) فأقام الله للإسلام من يحفظه غيرهم، ولم يضع الإسلام مقتل السلطان قظز
يروي ابن خلدون في كتاب " تاريخ ابن خلدون" قصة مقتل الملك المظفر سيف الدين قطز:
كان البحرية من حين مقتل أميرهم أقطاي الجامدار يتحينون لأخذ ثأره وكان قطز هو الذي تولى قتله فكان مستريباً بهم‏, ولما سار إلى التتر ذهل كل منهم عن شأنه‏, ‏ وجاء البحرية من القفر هاربين من المغيث صاحب الكرك فوثقوا لأنفسهم من السلطان قطز أحوج ما كان إلى أمثالهم من المدافعة عن الإسلام وأهله فأمنهم وأشتمل عليهم وشهدوا معه واقعة التتر على عين جالوت وأبلغوا فيها والمقدمون فيهم يومئذ بيبرس البندقداري وأنز الأصبهاني وبلبان الرشيدي وبكتون الجوكنداري وبندوغز التركي‏.‏ فلما انهزم التتر في الشام واستولوا عليه وحسر ذلك المد وأفرج عن الخائفين الروع عاد هؤلاء البحرية إلى ديدنهم من الترصد لثأر أقطاي‏, فلما قفل قطز من دمشق سنة ثمان وخمسين أجمعوا أن يبرزوا به في طريقهم‏, فلما قارب مصر ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه وتقدم إليه أنز شفيعاً في بعض أصحابه, فشفعه فأهوى يقبل يده فأمسكها, وعلاه بيبرس بالسيف فخر صريعاً لليدين والفم, ورشقه الآخرون بالسهام فقتلوه وتبادروا إلى المخيم‏.‏ وذكر المؤرخون أسبابًا متعددة لإقدام الأمير بيبرس وزملائه على هذه الفعلة الشنعاء، فيقولون:
إن بيبرس طلب من السلطان قطز أن يوليه نيابة حلب فلم يوافق وقال له مكان بالقلعة، فأضمر ذلك في نفسه وخشى أن يفعل به ما فعلة بأستاذة اقطاى بالقلعة.
قاهر التتار. فتح التاريخ سجلاته ليظهر لنا أحد شخصياته البارزة.
ويذهب بعضهم إلى أن وعيد السلطان لهم وتهديدهم بعد أن حقق النصر وثبّت أقدامه في السلطة كان سببًا في إضمارهم السوء له وعزمهم على التخلص منه قبل أن يتخلص هو منهم، وأيًا ما كانت الأسباب والمبررات فإن السلطان الذي قهر ألد أعداء الأمة وحاول تجديد شباب الإسلام وإيقاظ مجده, لقي حتفه بيد الغدر والاغتيال، وقُتل وهو يحمل فوق رأسه أكاليل النصر.
ولعل هذه الحادثة كانت مؤشر عما وصلت وستصل إلية اخلق الأمراء والحكام المماليك لأبسط من استهانة حقوق الله والعباد " حرمة دمائهم " وتناسوا حديث المعصوم صلى الله عليه وسلم " إذا تلاقى سيفان فالقاتل والمقتول في النار " ليحق عليهم قول الحق "وجزاء سيئة سيئة مثلها " وفى حديثة القدسي جل علاه " افعل ما شئت كما تدين تُدان".
هولاكو
العداء بين المماليك والمغول:
إن العداء بين المماليك والمغول لم ينقطع منذ موقعة عين جالوت، إذ ظل مغول فارس يتحينون الفرصة للثأر، وخاصة ابغا ابن هولاكو، الذي واصل سياسة أبيه العدائية تجاه المسلمين، فيما اتسمت سياسته مع الصليبيين بالود. لكن الظاهر بيبرس وقف لهم دائماً بالمرصاد واستطاع أن يكسر شوكتهم، مما دعا ابغا إلى طلب الصلح، ولجأ في طلبه إلى الترغيب والتهديد، لكن بيبرس كان يعلم جيداً أن الصلح مع المغول أمر لا يرضي المسلمين، وذلك بسبب ما فعلوه في بغداد. ورغم ذلك واصل المغول هجماتهم على الساجور،  لكن بيبرس ردهم خائبين، 
رسم شعبى للملك الظاهر بيبرس
ثم ما لبثوا أن هاجموا عين تاب، لكن بيبرس دحرهم، وهكذا قام بكسر التتار في أخرها عندما تحالف المغول مع سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، فأعد حملة كبيرة سنة 675هـ،   لغزو سلاجقة الروم. وفي موقعة أبلستين حلت الهزيمة الساحقة بالمغول وحلفائهم من السلاجقة، وقد فر زعيم السلاجقة بعد أن قتل عدد كبير من رجالة ورجال المغول، ثم دخل بيبرس قيسارية، ودعي له على منابرها وقدم له أمراء السلاجقة فروض الولاء والطاعة. وقيل إن أبغا لما سمع بما فعله بيبرس برجاله في موقعة ابلستين أسرع إلى هناك ليشتد غضباً بما وجده من الآف القتلى من المغول في حين لم يرى أحدا من السلاجقة، مما جعله يأمر بقتل ما يزيد على مائتي ألف من المسلمين السلاجقة.
البابا جريجوري العاشر ولد البابا عام 1210 وتوفي في 10 يناير1276.
اختيار البابا جريجوري العاشر
استمر الكرسي البابوي شاغرا بعد وفاة البابا كليمنت الرابع لمدة ثلاثة سنوات وهي أطول فترة زمنية في تاريخ الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وذلك بسبب الخلاف الذي نشاء بين الكاردينالات لاختيار بابا جديد حيث إن الجانب الفرنسي والجانب الإيطالي كانوا يطالبون بأن يكون البابا من مدينتهم.
في عام 1271 تم الوصول إلى تفاق بين الكاردينالات على اختيار البابا جريجوري العاشر مع كونه إيطاليا بسبب ما تميز به من الابتعاد عن الحركات السياسية حيث انه قضى أغلب عمره منعزلا ومتعبدا في جبال الألب. جاء انتخابه كالمفاجئة له حيث انه كان مشاركا في الحملة الصليبية التاسعة على عكا في فلسطين بقيادة إدوارد الأول ملك إنجلترا
فور علمه بانتخابه بابا لروما المقدسة عاد جريجوري من عكا فلسطين إلى إيطاليا وطالب بإرسال معونات عاجلة للصليبيين لأحكام سيطرتهم على عكا ومواجهة المسلمين.
أول عمل قام به بعد استلامه الكرسي البابوية هو استدعاء المجلس الكنسي للانعقاد في منطقة ليون(فرنسا) وذلك للتباحث بشأن الانشقاق بين الشرق والغرب المتمثل بالكنيسة اليونانية الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الرومانية الكاثوليكية, وأوضاع الأراضي المقدسة بالإضافة إلى الانتهاكات الصادرة بحق الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
كيوك خان أوكتاي.
التحالف بين مغول فارس والصليبي
لم يوقف فشل المشروع البابوي في عهد البابا إنوسنت الرابع و خان المغول الأعظم كيوك بن أوكيتاي في إقامة تحالف مع المغول ضد المسلمين، بسبب غطرسة المغول، وعدم قبولهم التحالف مع أي جهة تعتبر نفسها على قدم المساواة معها، لم يوقف هذا الفشل سعي البابا‏‏ كليمينت الرابع لعقد تحالف مع اباقا خان إيلخان مغول فارس من خلال خطه لمحاصرة الجيش المصري بين الصليبيين و المغول عن طريق إنزال جيش صليبي في مصر أو سوريا، ولذلك ففي صيف 1270 شن لويس التاسع ملك فرنسا الحملة الصليبية الثامنة على تونس بهدف تحويلها لقاعدة يهاجم منها مصر.
أباقا خان على حصانه وبجانبه ابنه أرغون حاملا ابنه غازان على كتفه وتحت المظلة الملكية
أما اباقا خان إيلخان مغول فارس فكان لديه من ثارات الثأر ما يدفعه إلى قبول ما رفضه خان المغول الأعظم كيوك بن أوكيتاي، فاباقا مازال يتذكر ما جرى للمغول على يد المماليك في معركة عين جالوت، ولديه الرغبة الكاملة في الثأر لهزيمة المغول على يد السلطان المظفر قظز، لذا أسرع بالموافقة على التعاون مع الصليبيين في تطويق المسلمين عامة والجيش المصري خاصة والذي يشكل العقبة الكؤد في وجه الزحف المغولي من ناحية، كما يهدد الوجود الصليبي في بلاد المسلمين من ناحية أخرى.
لويس التاسع ملك فرنسا
بعد موت لويس في تونس توجه ادوارد الأول ملك انجلترا إلى عكا (التي كانت في ذلك الوقت إمارة صليبية ) فيما عُرف بالحملة الصليبية التاسعة و فور وصوله أرسل الرسل إلى آباقا خان، الذي كان أرسل له رسالة جاء فيها: انه بعد تفكير قرر أن يبعث له جيش ضخم بقيادة سماغار لكي يساعده و طلب منه أن يُحدد بالضبط اليوم الذي سوف يهاجم فيه المسلمين، و نتيجة لهذه الاتصالات شن ساماغار و السلاجقه هجوم في 20 أكتوبر 1271 على شمال سوريا.
استمرت الاتصالات والرسائل بين المغول والصليبيين بهدف التحالف ومحاصرة مصر في جنوب البحر المتوسط، ففي مايو 1274 انعقد مجلس الكنائس في ليون بإشراف بابا الكاثوليك جريجورى العاشر الذي كان مهتم بمستقبل الأراضي المقدسة وقرر توحيد الكناس الكاثوليكية واليونانية، وتحضير حمله صليبيه جديدة.
حضر المغول تلك الاجتماعات من وفدهم الذي ضم الدومينيكانى ريتشارد مترجم آباقا خان. الذي حمل رسالة آباقا للمجلس والتي تحدث فيها عن العلاقات المغولية-اللاتينية وان آباقا يتمنى عمل تحالف مع اللاتين ضد المصريين، وبعد انتهاء ريتشارد المترجم من قراءة الرسالة، صلى بابا الكاثوليك وتمنى أن ينضم آباقا خان للكنيسة الكاثوليكية، ووعد بإرسال رسل لأباقا يحثونه على الانضمام للكنيسة الكاثوليكية، وذلك قبل قيام حملة صليبية جديدة.
البابا غريغوري العاشر يتسلم رسالة من قوبلاي خان عام 1271.
في بداية 1275 وصلت رسالة آباقا إلى انجلترا إلى الملك ادوارد الأول الذي رد عليها بمديح لآباقا، وعبر عن أمانيه في أن يُحضر بابا الكاثوليك حمله جديدة إلى المشرق الإسلامي، انه سينضم إلى الحملة فور تجهيزها سوف.
 في أواخر سنة 1976 وصل روما مبعوثين جدد من المغول (جون وجيمس فاسالى) يحملان رسالة من آباقا لجون الواحد وعشرين، الذي تولى الكرسي البابوي بعد موت جريجورى سنة 1276، وطالب آباقا خان في الرسالة اللاتين بشن هجوم على الأراضي المقدسة، ووعد بتقديم مساعدات لوجوستيه وبتدخل عسكري مباشر عند وصول الحملة، وبعد تسليم الرسل الرسالة للبابا في روما توجهوا إلى فرنسا وانجلترا وسلموا لكل من نفس نص الرسالة لفيليب الثالث وادوارد الأول، ولكن جاء في رسالة ادوارد اضافه خاصة به حيث قدم آباقا خان اعتذاره على انه لم يتمكن من مساعدته على أكمل وجه سنة 1270 وقت الحملة الصليبية التاسعة.
العرب (الموريين) يطلبون الرحمة من الملك فيليب الثالث عند طردهم من الأندلس.
ورغم هذا السعي الدأب من آباقا خان لحث الصليبين على التوجه لبلاد المسلمين بعد فشل الحملة الصليبية التاسعة، وإعلانه عن عزمه الكامل في مساعدتهم في محاصرة المسلمين عامة والمصريين خاصة، إلا أن كل هذا لم يأتي بنتيجة حيث أن جل اهتمام البابا في تلك الفترة كانت منصب على تحويل آباقا خان والمغول للكاثوليكية
ويوضح هذا الإلحاح من آباقا خان و رسائله الكثيرة التي بعثها للآتين يؤكد أنه كان مهتما بتوجيه ضربه قويه للظاهر بيبرس الذي كان من بين الجيش الذي كسر المغول في معركة عين جالوت
الحملة الصليبية التاسعة
أطوار الحملة:
في عام 1269 قام الأمير إدوارد (إدوارد الأول لاحقا) ومن وحي قصص عمه ريتشارد قلب الأسد والحملة الصليبية الثامنة للملك لويس الفرنسي, قاد إدوارد بنفسه(الحملة التاسعة)، الفرسان والتابعين الذين شاركوا بالحملة كانوا قليل العدد نسبيا, تقريبا 230 فارس مع حوالي100 راجل. أكثرهم من المعارف والمقربين له مع أصحابهم. وبمجرد وصوله إلى عكا بتاريخ 9 مايو 1271 أرسل مباشرة سفارة إلى أباقا خان حاكم إلخانات.
إدوارد الأول من عام 1272 لغاية 1307.
وكانت خطته هي طلب مساعدة المغول لمهاجمة السلطان بيبرس وقد استجاب أباقا لطلبه وأرسل له ردا بتاريخ 4 سبتمبر 1271 ثم أرسل جيشه أواسط أكتوبر 1271 فوصلت سوريا واكتسحوا المناطق من حلب متجهين جنوبا. لم يستطع أباقا أن يرسل أكثر من عشرة آلاف خيال بسبب المشاكل مع تركستان المجاورة له مع بعض الدعم من الجيوش السلاجقة, وكانوا تحت قيادة ساماقر. وقد أحدثت تلك الحملة لجوء جماعي كثيف للمسلمين صوب مصر. هزم المغول القوات التركمانية التي تحمي حلب مما جعل الحامية المملوكية تهرب, وتقدموا حتى وصلوا معرة النعمان وأفاميا شمال حماة ولكنهم سرعان ما ارتدوا وهربوا إلى ما وراء نهر الفرات عندما سمعوا بتجهيز السلطان بيبرس الجيوش لمقاتلتهم حيث لا طاقة لهم لمواجهة الجيش المملوكي بكاملة.
وقوع الصليبيين في ورطة شاملة كتبت نهايتهم في المشرق.
فالحملة الصليبية التاسعة والتحالف الصليبي المغولي كانا بداية نهاية الممالك الصليبية في الشام حيث تمكن المماليك من السيطرة على الأراضي المقدسة
فبعد أن أنهى السلطان بيبرس مشاريعه الداخلية، تفرغ للجانب الصليبي، وبدأ العدة للحرب، مما حدا بالصليبين إلى التفاوض معه أواخر عام 660هـ/1261م بطلب استرجاع أسراهم وعقد هدنة، فوافق بيبرس بشرط العودة إلى ما كان عليه الأمر أيام الملك الناصر صلاح الدين وإطلاق الأسرى غير أن الصليبيين لم يوافقوا. ولكنهم عادوا مرة أخرى عندما قويت شوكته وحرك الجيوش باتجاه حصونهم، فطلبوا منه الصلح، فما كان رده إلا أن قال:"لم لا كان هذا قبل حضورنا إلى هذا المكان؟ ردوا ما أخذتموه من البلاد وفكوا أسرى المسلمين جميعهم فإني لا أقبل غير ذلك".
الأسد شعار الظاهر بيبرس ويظهر أيضا على ظهر عملة من العملات.
فبدأ بيبرس حربه بمهاجمته إقليم الجليل، ثم الهجوم على عكا واقتحام أبوابها عام 662هـ/1263م ولكنه لم يتمكن من اقتحامها لحصانتها وكثرة من بها من الصليبيين، فتركها وهاجم بالشهر التالي قيسارية وعتليت. وفي عام 663هـ/1265م نزل بيبرس بقوات ضخمة إلى غزة ومن هناك إلى قيسارية ففتحها في جمادى الأول (شباط)، ثم تقدم صوب يافا فدخلها بغير قتال، لأن الصليبيين فروا منها هاربين.
مينا عكا في المدينه القديمه.
 ثم سار نحو عتليت وحررها، وقد كانت بأيدي الصليبيين منذ سنة614هـ/1218م. ثم اتجه صوب أرسوف وضرب عليها حصارا شديدا استمر 40 يوما، استسلمت بعده المدينة، ومن أرسوف اتجه مرة أخرى صوب عكا، غير أنه لم يستطع أن يحرر المدينة نظرا لمساندة هيو الثالث ملك قبرص وإمداده بأسطول كبير شمل كل قوة قبرص البحرية. لذا تركها بيبرس وعاد إلى مصر، ليعاود الكرة على الصليبيين بعد انتهاء الشتاء، وبدأ عمله أوائل صيف 1266م/664هـ. حيث بدأ بمدينة صفد (مقر الداوية) وتمكن من تحريرها 17 شوال 664هـ / يوليو 1266م ثم حرر هونين وتبين والرملة.
نتيجة لتلك الانتصارات ضعفت معنويات الصليبيين في الشام وسارع البعض إليه يطلبون وده ورضاه مقابل تنازلهم عن نصف غلات المناطق التي تحت سيطرتهم.
ثم بدأت الحملة لاسترداد أنطاكية من الصليبيين، فوصل بيبرس بجيوشه إليها يوم الثلاثاء 1 رمضان 666هـ/ 15 مايو 1268م، وهناك قسم جيوشه إلى ثلاث فرق وزعها حول المدينة ليحكم حصارها ويمنع وصول المدد إليها من البر والبحر. ولم يستطع الصليبيون المدافعون من المقاومة، بسبب شدة الحصار وقوة المهاجمون، ففتحت المدينة وتمكنت جيوش بيبرس من دخولها وغنموا غنائم كبيرة لا تعد ولا تحصى من الأموال والأسرى، وقد كان سقوط تلك الإمارة الصليبية حدثا مهما في تاريخ الحروب الصليبية، فقد انقطعت صلة الصليبيين في طرابلس وعكا بأرمينية الصغرى، وبذلك غدت مصالح الصليبيين في الشام مهددة بشكل مباشر ولم يبق أمامهم سوى مملكة قبرص الصليبية والتي توحدت مع مملكة طرابلس وعكا فقد انضموا إلى تاج الملك هيو الثالث، والذي باشر حكمه بعقد هدنة مع السلطان بيبرس إلى حين وصول المساعدات من أوروبا، وقد وافق بيبرس على الهدنة لكي يعطي قواته قسطا من الراحة، خاصة وأن فصل الشتاء قادم، ويتطلب منه لعودة إلى مصر ليدير بعضا من شؤونها الداخلية.