الفصل السادس: بني صهيون
أولا: صفات اليهود في القرآن
الكريم والسنة النبوية المطهرة.
(33) الكذب
على الله
من بين الصفات القبيحة التي تحلى بها اليهود
واتصفوا تعمدهم الكذب على الله – جل جلاله – وما فعلوا ذلك إلا ليُحلوا حراما أو يُحرموا
حلالا نظرا لتملك حبُ الدنيا من قلوبهم فطمسها فأمست لا ترى الحق من الباطل، ولا
النور من الظلام، ولقد تجلى ذلك الخلق القبيح منهم في العديد من مراحل حياتهم، خلدها
القرآن الكريم في أكثر من موضع ونذكر هنا بعض آيات القرآن الكريم التي تفضح تعمد
بني يهود الكذب على الله – سبحانه وتعالى - في رد الأمانة إلى أهلها، وما دفعهم إلى ذلك إلا
حب الدرهم والدينار، وتملك الدنيا والشهوات منهم يقول الحق – تبارك وتعالى -
{وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (1) سورة آل عمران:75
{وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (1) سورة آل عمران:75
قال الإمام الطبري:
عن صعصعة: أن رجلاً سأل ابن عبـاس
فقال: إنا نصيب فـي الغزو ـ أو العذق، الشكّ من الـحسن ـ من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، فقال ابن عبـاس: فتقولون
ماذا؟ قال نقول:
لـيس علـينا بذلك بأس. قال: هذا كما قال أهل
الكتاب: { لَيْسَ عَلَيْنَا في ٱلأُمّيِينَ سَبِيلٌ } إنهم إذا أدّوا الـجزية لـم
تـحلّ لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَيَقُولُونَ
عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
يعنـي بذلك جلّ ثناؤه:
إن القائلـين منهم لـيس علـينا فـي أموال الأميـين من العرب حرج أن
نـختانهم إياه، يقولون ـ بقـيـلهم: إن الله أحلّ لنا ذلك، فلا حرج علـينا فـي خيانتهم إياه، وترك قضائهم ـ الكذبَ علـى
الله عامدين الإثم بقـيـل الكذب علـى الله أنه أحلّ ذلك لهم، وذلك
قوله عزّ وجلّ{وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. كما:
حدثنا مـحمد، قال: ثنا
أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: فـيقول علـى الله الكذب، وهو
يعلـم، يعنـي الذي يقول منهم إذا قـيـل له: ما لك لا تؤدّي أمانتك؟ لـيس علـينا حرج فـي أموال العرب، قد أحلها الله
لنا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا
الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ }: يعنـي ادّعاءهم أنهم وجدوا فـي كتابهم
قولهم: { لَيْسَ عَلَيْنَا في ٱلأُمّيِينَ سَبِيل}ٌ(2) تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري
قال الإمام القرطبي:
قوله تعالى: { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُواْ } يعني اليهود { لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ
} قيل: إن اليهود كانوا إذا بايعوا المسلمين يقولون: ليس علينا في الأُمِّيِّينَ
سبيل ـ أي حرج في ظلمهم ـ لمخالفتهم إيّانا. وٱدّعوا أن ذلك في
كتابهم؛ فأكذبهم الله عز وجل وردّ عليهم فقال: «بلى» أي بَلَى عليهم سبيل
العذاب بكذبهم واستحلالهم أموال العرب.
قال
أبو إسحاق الزجاج: وتمّ الكلام.
ثم قال { مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى }. ويقال: إن اليهود كانوا
قد استدانوا من الأعراب أموالاً فلما أسلم أرباب الحقوق قالت اليهود: ليس لكم علينا
شيء، لأنكم تركتم دِينكم فسقط عنا دَينكم. وٱدّعوا أنه حكم التوراة
فقال الله تعالى: «بلى» ردّا لقولهم { لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ
سَبِيلٌ }. أي ليس كما تقولون، ثم ٱستأنف فقال: { مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى } الشركَ
فليس من الكاذبين بل يحبه الله ورسوله. (3) تفسير الجامع لأحكام
القرآن/ القرطبي
قال الإمام الشوكاني:
والأميون هم العرب الذين
ليسوا أهل كتاب، أي: ليس علينا في ظلمهم حرج لمخالفتهم لنا في ديننا، وادّعوا
لعنهم الله أن ذلك في كتابهم، فردّ الله سبحانه عليهم بقوله{وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
{بلى
} أي: بلى عليهم سبيل؛ لكذبهم واستحلالهم أموال العرب، فقوله: { بَلَىٰ } "
إثبات لما نفوه من السبيل ". قال الزجاج: تمّ الكلام بقوله: { بَلَىٰ } ثم
قال: { مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَٱتَّقَى } وهذه جملة مستأنفة، أي: من أوفى بعهده، واتّقى،
فليس من الكاذبين. أو فإن الله يحبه، والضمير في قوله: { بِعَهْدِهِ } راجع
إلى " من " ، أو إلى الله تعالى، وعموم المتقين قائم مقام العائد إلى "
مَن " ، أي: فإن الله يحبه. (4) تفسير
فتح القدير/ الشوكاني
قال الإمام البيضاوي:
{ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي
ٱلأُمّيِينَ سَبِيلٌ } أي ليس علينا في شأن من ليسوا من أهل الكتاب ـ ولم
يكونوا على ديننا ـ عتاب وذم. { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } بادعائهم ذلك {
وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كاذبون، وذلك لأنهم استحلوا ظلم من
خالفهم وقالوا: لم يجعل لهم في التوراة حرمة. وقيل عامل اليهود رجالاً من
قريش فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا سقط حقكم حيث تركتم دينكم وزعموا أنه كذلك
في كتابهم. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عند نزولها " كذب أعداء الله
ما من شيء في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر ". (5) تفسير أنوار
التنزيل وأسرار التأويل/ البيضاوي
عن عبد الله ابن عمر رضي
الله عنه أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون
فقال عبد الله ابن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع
احدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله ابن
سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق محمد فيها آية الرجم
فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما . (6) رواه البخاري.