الفصل الخامس:
موقف الغرب ( المسيحية السياسية) من الإسلام
(2) مختصر الحروب الصليبية
تاسعا: حملة الفقراء
الصراع الإسلامي الصليبي
حملة الفقراء هي
حملة سبقت الحملة
الصليبية العسكرية الأولى وتعتبر جزءا من
الحملة الصليبية الأولى، دامت حوالي ستة أشهر من إبريل 1096 إلى أكتوبر من ذات
العام. عرفت أيضا باسم حملة
الشعب أو حملة الأقنان.
أوربان الثاني
لقد خطط البابا أوربان
الثاني لانطلاق الحملة
الصليبية الأولى في 15 أغسطس 1096، ولكن قبل ذلك
بشهور، قامت جيوش من الأقنان والفرسان المعدمين وبشكل غير متوقع
أو غير مخطط بتنظيم حملة إلى الأرض المقدسة، وانطلقوا إلى القدس بمفردهم.
حملة الفقراء
وكان الأقنان ابتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096، ويبدو أن بعضهم رأى في الحملة
الصليبية مهربا من واقعهم المرير،دفعهم
عدد من المصادفات والأحداث السماوية (الفلكية) في بداية 1095 والتي
بدت وكأنها مباركة إلهية للتحرك نحو بيت المقدس، ومن هذه الأحداث السماوية:
نيزك ويلاميت وجد في ولاية أوريجون بأمريكا
صورة فوتوغرافية لجزء من السماء أثناء وابل شهبي استمر لفترة ممتدة من الوقت. تظهر الشهب في الواقع لثوانٍ معدودة، وقد تستمر حتى عدة دقائق وذلك بشكل متقطع.
انهمار للنيازك،
ظهور شفق، خسوف للقمر، وظهور مذنب،
بالإضافة إلى أحداث أخرى. كما أن انتشار "الشقران" (مرض يصيب الحبوب)،
والذي كان يؤدي عادة إلى حصول هجرات جماعية، ظهر قبل اجتماع مجمع
كليرمونت. كما أن الاعتقاد بقرب نهاية
العالم كان منتشرا في بدايات القرن الحادي عشر للميلاد، وكان صدى دعوة البابا فوق كل التوقعات: ففي حين أن أوروبان ربما كان يتوقع بضع آلاف من الفرسان، انتهى
به الأمر بهجرة جماعية قد تصل
إلى 100،000 معظم منْ فيها من المقاتلين الغير متمرسين، وبينهم
نساء وأطفال.
جنود الصليب
بطرس الناسك راهب ذو شخصية مؤثرة (كار أزماتي) ومتحدث
مفوه من أمينس، كان القائد الروحي لهذه الحركة. عرف أيضا بركوبة
لحمار ولبسه لبسيط اللباس.
پطرس الناسك على حماره بيقود الحملة الصليبية الشعبية 1096
كان قد وعظ بنشاط لأجل الحملة في شمال فرنسا وبلاد
الفلانديرز. وادعى انه عيّن من قبل المسيح ذاته (وأنه كان لديه رسالة إلهية لإثبات ذلك)
ومن الجائز ان يكون بعض من
أتباعه اعتقدوا أنه هو، لا البابا
أوروبان، هو الداعي الحقيقي للحملة إلى الأرض المقدسة. ومن الشائع
الاعتقاد بأن جيش بطرس كان فرقة الرهبان الجهلة والغير كفؤين والذين لم يكن لديهم أدنى فكرة إلى أين سيذهبون، والذين اعتقدوا
أن كل مدينة صغيرة أو كبيرة
سيطروا عليها في طريقهم أثناء الحملة هي القدس، وقد يكون هذا الاعتقاد
صحيحا إلى حد ما،
الحج إلى الديار المقدسة
ولكن التقليد الطويل بالحج إلى الديار المقدسة والقدس جعل من موقع وبعد المدينة المقدسة معروفا
جيدا. وبالرغم من أن الأغلبية كانوا
من المقاتلين الغير متمرسين.
الفارسFulcher of Chartres
كان هناك قلة من فرسان جيدي التدريب
يقودونهم. مثل الفارسFulcher of Chartres الذي سيصبح
لاحقا مؤرخا، وWalter Sans-Avoir المعروف أيضا بوالتر
المعدم، والذي، كما يدل اسمه، كان فارسا فقيرا بلا أطيان أو أتباع، ولكنه كان
متمرسا في القتال.
مغفرة الذنوب من بواعث حرب الصليب المقدس
لم
يكن الفرنسيين مستعدين لانتظار بطرس والألمان، وتحت
قيادة والتر سانس أفور غادر بضعة آلاف من الصليبيين قبل بطرس،
ووصلوا إلى هنغاريا في 8 مايو،
فعبروا هنغاريا دون حوادث ووصلوا نهر ساف على الحدود البيزنطية عند بلغراد
أوكرانيا
تفاجأ آمر
بلغراد بالجموع، وكونه ليس لديه تعليمات بما عليه أن يفعل، رفض فتح إدخالهم للمدينة. مما أجبر الصليبيين على نهب كل ما تصل إليه أيديهم من
أجل أن يعتاشوا. أدى ذلك إلى
مناوشات مع حامية بلغراد، ومما زاد الأمر سوءا، إن ستة عشر رجلا من رجال والتر حاولوا نهب سوق في سيملين، على الناحية
الأخرى من النهر في هنغاريا في طريقهم
إلى النيش، حيث تم إمدادهم بالطعام وظلوا ينتظرون أخبارا من القسطنطينية تسمح بمرورهم. وبنهاية يوليو، وصلت الجيوش إلى
القسطنطينة بمرافقة بيزنطية.
القسطنطينية
بقي بطرس وبقية الصليبيين في كولونيا
حتى 20 أبريل، فخرج معه حوالي 20،000، وتبعتهم مجموعة أخرى بعدها بفترة قصيرة. ولما
وصلوا الدانوب، قرر
البعض استكمال الطريق بالقوارب نزولا مع الدانوب، بينما قرر السواد الأعظم استكمال الرحلة على ضفاف الدانوب ودخلوا
هنغاريا عند دينبورغ المعروفة اليوم
باسم سوبورون. وهناك استكملوا الرحلة عبر هنغاريا وعادوا لينضموا
إلى من سلكوا الدانوب عند سيملين على الحدود البيزنطية
نهر الدانوب
في سيملين، أصبح الصليبيون متشككين، لما
رؤوا البذات الستة عشر معلقة على أسوار
القلعة. وبعدها، أدى خلاف على سعر زوج من الأحذية في السوق إلى الاضطرابات. والتي تحولت إلى هجوم كامل على المدينة
من قبل الصليبيين (الأمر الذي كان ضد رغبات بطرس
على الأغلب)، حيث قتل 4،000 هنغاري. هرب بعدها
الصليبيون عبر نهر ساف إلى بلغاريا، واستكملوا بعدها المسير لسبعة أيام وصولا إلى نيش في 3 يوليو. هناك وعد الآمر
بتوفير مرافقة لجيش بطرس إلى
القسطنطينية كما وعد بتوفير الطعام، بشرط أن ترحل الجموع فورا.
حملة الفقراء
وافق بطرس، وأنطلق في اليوم التالي. ولكن بعض الألمان
دخلوا في خلاف مع السكان المحليين على
طول الطريق، وأحرقوا طاحونة، الأمر الذي خرج عن سيطرة بطرس حتى
إن نيش أخرجت كامل حاميتها ضد الصليبيين. أصبح الصليبيون محاصرين بالكامل وخسروا حوالي ثلث قواتهم؛ إما البقية
فأعادوا لملمة صفوفهم لاحقا عند بيلا
بالانكا. ولدى وصولهم صوفيا في 12 يوليو. التقوا بالمرافقة البيزنطية، والتي
أوصلتهم بسلام إلى القسطنطينية بحلول بداية أغسطس.
كنيسة المبجلة الحكيمة صوفيا
الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس
كان الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس، غير عارف ماذا يمكنه أن
يفعل بجيش غير عادي وغير متوقع كالذي وصله، قام بنقلهم بسرعة عبر البوسفور ب6 أغسطس
مضيق البوسفور
وهنا يطفو خلاف تأريخي قديم، فهل أرسلهم عبر البوسفور
بلا أدلة بيزنطيين وهو يعلم تماما بأنهم قد يذبحوا عن بكرة أبيهم على يد السلاجقة، أو أنهم أصروا على استكمال طريقهم عبر آسيا بالرغم من
تحذيراته.في كلا الحالتين، فإنه من المعروف أن الكسيوس كان قد حذر بطرس من الالتحام مع القوات السلجوقية، والتي اعتقد
بتفوقها على جيش بطرس الرث
والتهريجي، ونصحه بانتظار القوات الصليبية الأساسية التي كانت لا تزال في الطريق
رسوم لنماذج من جنود الجرمان والفرنسيين في الحملة الصليبية الثانية
انضمت إلى قوات بطرس المجموعة
الفرنسية بقيادة والتر سانس أفور ومجموعة من فرق
الصليبيين الإيطالية التي وصلت في ذات الوقت، وبمجرد وصولهم إلى
آسيا عبر البوسفور، بدؤوا ينهبون المدن ووصلوا إلى خليج
نيقوميديا على بعد زهاء 35
كم إلى الشمال الغربي من مدينة نيقية، وهناك نشب خلاف بين الألمان والإيطاليين من جهة
والفرنسيين من جهة أخرى. فانقسمت
القوات واختار الألمان والإيطاليون قائدا جديدا اسمه راينلد، بينما تولى جيوفري بوريل زمام
الأمور لدى القوات الفرنسية، وبات واضحا أن بطرس الناسك فقد السيطرة على الحملة
بالرغم من أن ألكسيوس دعا بطرس أن ينتظر
الجيش الرئيسي، إلا أن بطرس قد خسر الكثير من
سلطته والصليبيون بدؤوا يتدافعون. مهاجمين أكثر فأكثر المدن القريبة،
حتى وصل الفرنسيون حدود نيقية، عاصمة السلاجقة، حيث نهبوا الضواحي،
أما الألمان وكي لا تفوتهم الفرصة تحركوا بستة آلاف صليبي إلى زيري غوردون واحتلوا المدينة لاستخدامها كقاعدة
للهجوم على الأرياف المجاورة.
وردا
على ذلك، أرسل السلاجقة جيشا كبيرا إلى زيري غوردون وسيطروا في 29 سبتمبر على
مصدر المياه الوحيد هناك، والواقع خارج أسوار المدينة، الأمر الذي لم يتنبه إليه الألمان. وبعد ثمانية أيام من شرب دماء
الحمير وبولهم، اجبر الصليبيون على
الاستسلام. فمنهم من تحول إلى الإسلام فهؤلاء قد تم نقلهم إلى خراسان أما الذين
رفضوا التحول عن دينهم فقد قتلوا جميعا.
رسم للسلطان السلجوقي: ألب أرسلان
في المخيم الرئيسي، نشر جواسيس السلاجقة
إشاعة أن الألمان الذين سيطروا على زيري غوردون قد سيطروا أيضا على نيقية، الأمر الذي أدى
إلى تحمس الصليبيين أن يصلوا إلى هناك بالسرعة الممكنة كي لا
يفوتوا نصيبهم من الغنائم، وبالطبع نصب السلاجقة كمائن على الطريق إلى نيقيه. وعندما وصلت الأخبار الحقيقية بشأن ما حصل في
زيري غوردون للصليبيين. تحول
الحماس إلى هلع.
كان بطرس الناسك قد عاد إلى القسطنطينية لترتيب شؤون الإمدادات وكان من المفترض عودته قريبا،
وفضل معظم القادة انتظار عودته (وهو
لم يعد أبدا في الواقع). على كل فإن غوفري بوريل، الذي كان
لديه شعبية واسعة بين الجموع، قال بأنه من الجبن الانتظار، وان عليهم التحرك ضد السلاجقة في الحال. وكان له ما أراد: ففي
صباح 21 أكتوبر تحرك كامل الجيش ب20،000 مقاتل باتجاه نيقية، تاركين
النساء والأطفال والعجائز والمرضى خلفهم في المخيم.
الهزيمة المخزية للجيش الصليبي في 21 أكتوبر 1096، رسم من حدود عام1490
على بعد ثلاثة أميال من المخيم، حيث
أصبح الطريق ضيقا، في وادي مشجر قرب قرية دراكون،
كان الكمين منتظرا. فبدا وابل من السهام تنهمر عليهم، فانتشر الهلع
فورا، وحاولت تلك القوة العودة للمخيم هاربين من المعركة، ولكنهم هزموا وقتل الكثير منهم. ولم يبق إلا الأطفال والذين
استسلموا، وسحق الآلاف من الذين
حاولوا المقاومة.
صورة تخيلية لجودفري
ونجح ثلاثة آلاف من بينهم جيوفري بوريل بالفرار إلى قلعة مهجورة. وبالنهاية أبحر البيزنطيون إلى
الصليبيين ورفعوا الحصار عنهم؛ عادت هذه
الآلاف القليلة إلى القسطنطينية، وهم الناجين الوحيدين من الذين
شاركوا بحملة الفقراء الصليبية.