(ج)توراة موسى – عليه السلام
–
(لفائف توراتية)
التوراة:كلمة عبرانية تعني الشريعة
أو الناموس. ويراد بها في اصطلاح اليهود: خمسة أسفار يعتقدون أن موسى - عليه السلام - كتبها بيده
ويسمونها "بنتاتوك" نسبة إلى "بنتا" وهي كلمة يونانية تعني
خمسة أي الأسفار الخمسة.
وفي لسان العرب: التوراة ذات أصل عربي ومصدرها وَرِيَ،و الوراء
هو ولد الولد، والواري هو السمين من كل شيء، وناقة وارية أي سمينة، وورَيتُ النار
توريةً إذا استخرجتها، واستوريت فلاناً رأياً أي سألته أن يستخرج لي رأياً، ووريت
الشيء وواريته أخفيته، ووريت الخبر أُورِيه توريةً إذا سترته وأظهرت غيره وكأنه
مأخوذ من وراء الإنسان، لأنه إذا قال وَرَيته فكأنه جعله وراءه حيث لا يظهر،
والتورية هي الستر..
(نصوص توراتية مكتوبة على لفائف)
ولو تدبرنا كل المعاني السابقة
لوجدنا أن هذه التسمية (التوراة أو التورية حسب الرسم القرآني لها) جاءت لتصف بدقة
وبشمولية حال الكتاب الموجود بين أيدي اليهود، ولتصف الكيفية التي يتعامل بها
اليهود مع هذا الكتاب، فالتوراة في الواقع كتاب ضخم يحوي بين دفتيه 39 سفراً،
وإحدى نسخه المترجمة فيها ما يزيد عن 1128 صفحة بمعدل 380 كلمة لكل صفحة، أي ما
يزيد على القرآن الكريم من
حيث عدد الكلمات بستة مرات تقريباً، جُمع فيه كل ما أُنزل على أنبياء بني إسرائيل
المتعاقبين تباعاً ..
والغالب أن النسخة المعتمدة من
التوراة حالياً هي المسماة الموسوية: أي التقليد، وهي النسخة التي أعدها علماء يهود في
طبريا على مدى ما يزيد عن ستة قرون (من القرن السادس إلى القرن الثاني عشر
الميلادي).
والتوراة
في واقعها تتألف من خمسة أسفار تنسب إلى نبي الله - موسى
عليه السلام - كما ذكرنا سابقاً، وتوصف بأنها أنزلت عليه في طور
سيناء وهي على النحو التالي:
- التكوين:
ويقع في خمسين إصحاحاً ويحكي عن
الأصول الأولى للحياة البشرية (عن بدء الخلق، وقصة الخطيئة)، وأبناء آدم ونوح،
والطوفان، وما كان من أمر أبنائه بعد الطوفان، ورحلة إبراهيم الخليل، وإسماعيل،
وإسحاق، وما كان من أمر عيسو ويعقوب، والأسباط، وخلال فصول الكتاب تلمس طبيعة
العلاقة بين (الرب والشعب) فالرب هو يقيم ويحاكم ويعاقب الذين يذنبون، ويقود
ويساعد ويرفع السالكين حسب أوامره. ولقد كتب هذا الكتاب القديم لكي يسجل قصة إيمان
الناس بالله ويساعد في حفظ هذا الإيمان حياً.
- الخروج:
ويقع في خمسين إصحاحاً ويشرح قصة
الخروج أي: ما فعله الله - عز
وجل - عندما حرر شعبه - كما تزعم التوراة- من العبودية على أيدي الفراعنة في
أرض مصر، وكوّن منهم شعباً ودولة بآمال عريضة للمستقبل وكان نبي الله - موسى
عليه السلام - هو
الشخص الأساسي الذي تدور حوله الأحداث خلال هذه الفترة ، فهو الإنسان الذي اختاره
الله – سبحانه - لكي يقود شعبه في رحلته أثناء خروجه من مصر
وتظهر الوصايا العشر بإعلانه الشريعة من جبل الطور في سيناء.
اللاويون
(اللاويين) أو التوابون أو الأحبار:
ويقع في سبعة وعشرين إصحاحاً توضح
الفكرة الرئيسة في اللاويين تعظيم الله والكيفية التي يجب أن يعبده بها شعبه في
سلوكهم السوي حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بعلاقتهم مع إله إسرائيل المقدس، حيث تأخذ
الشرائع والطقوس الكهنوتية في هذا السفر حيزاً كبيراً.
العدد:
وهو في ستة وثلاثين إصحاحاً، فيه
حوادث 38 سنة وثلاثة أشهر، فهذا السفر في مجمله إحصائيات عن الشعب المختار، وأنساب
القبائل الإسرائيلية، وتصوير ما حدث في سيناء.
التثنية:
وهو في أربعة وثلاثين إصحاحاً،
ويعني إعادة الشريعة وتكرارها على بني إسرائيل للمرة الثانية، منذ خروجهم من أرض
سيناء المصرية إلى وصولهم إلى جنوبي الأردن، وهي آخر الأحكام التي فرضها نبي الله- موسى عليه السلام - قبل وفاته في أرض مؤآب، وأرض الميعاد على مرأى من عينيه كما تزعم التوراة!!.
يقول د. حسن ظاظا: إن التوراة
الموسوية كانت قد فقدت من المجتمع اليهودي لعدة قرون، بحيث صار من المحتمل أن يكون
نصها الذي كتبه عزرا -عُزير
عند المسلمين- مختلفاً جداً عما أنزل على موسى، فبين الرجلين ما يقرب من ألف سنة
من الزمان، بل إننا نشعر أن موسى بعد أن مات لم يحتفظ العبريون
من ذكراه بشيء. أضاعوا الرجل وأضاعوا توراته بحيث مرت أجيال لا يذكره منهم أحد،
ولا يعرفون حتى مكان قبره...