الأربعاء، 29 فبراير 2012

رابع وعشرون: الحملة الصليبية السابعة الفصل الخامس: موقف الغرب ( المسيحية السياسية ) من الإسلام (2) مختصر عن الحروب الصليبية رابع وعشرون: الحملة الصليبية السابعة

الفصل الخامس:
موقف الغرب ( المسيحية السياسية ) من الإسلام
(2) مختصر عن الحروب الصليبية
رابع وعشرون: الحملة الصليبية السابعة
تمهيد:
 كان للتعارض الواضح بين مصالح البابا والإمبراطور الألماني فريدريك الثاني سببا في الدعوة البابوية المستمرة إلى حملة صليبية جديدة، وكان الإمبراطور الألماني يعارض البابا في تلك الحملة، وفي النهاية تحركت فصائل قليلة في ليون بقيادة الملك تيبو دي نافار والدوق هوغ الرابع البورغوني وغيرهما من الأمراء، وأبحر القسم الأكبر في خريف 1239م بدون حماسة كبيرة إلى سوريا، حيث حاولوا بإصرار من الفرسان الهيكليين عقد حلف مع أمراء الشام الأيوبيين ضد مصر، ولكن المصريين هزموهم في جوار عسقلان في شهر نوفمبر 1239 
 بدأت المخاصمات بين الصليبيين، واستغلت حكومة مصر جميع هذه الظروف واشرف الملك الصالح نجم الدين أيوب في سبتمبر عام 1244 مع 10 ألاف من الفرسان الخوارزميين على القدس، وقضى على الصليبيين فيها عن بكرة أبيهم وانتقلت المدينة برسوخ إلى المسلمين
فردريك الثاني
 بعد هزيمة الحلف الشامي-الصليبي ضد مصر في غزه في معركة الحربية سنة 1244 و سقوط القدس في يد السلطان الأيوبي الصالح أيوب، قرر الصليبيين بمباركة بابا الكاثوليك اينوسينت الرابع، شن حمله عسكريه كبيرة ضد مصر باعتبارها مركز القوه في منطقة الشرق الأوسط و ترسانته العسكرية و البشرية و مفتاح بيت المقدس. قاد الحملة ملك فرنسا لويس التاسع، الذي عُرف بعد ذلك بالقديس لويس، كما شارك معه اخواته "روبرت دي أرتوا" (Robert d'Artois)، و "شارل دي أنجو" (Charles d'Anjou)، و "ألفونس دي بواتي" (Alphonse de Poitiers).
 لويس التاسع أتى غازيا ورحل أسيرا
المشرق الإسلامي قبل الحملة الصليبية السابعة
لم يكن المشرق الإسلامي كعادته خاليا من الصراعات والأحقاد الداخلية التي تحركها نفوس طمعت في الدنيا متناسية للآخرة وما بها من أجر  وثواب، فتعالوا بنا نرى كيف كان الوضع في بلاد المسلمين في البقعة المقدسة والتي تمتد من نهر الفرات حتى نهر النيل قُبيل الهجوم الصليبي في حملتهم السابعة وذلك من خلال النقاط التالية.
 
الملك الكامل والإمبراطور فريدريك الثاني
(1) الصُلح بين الملك الكامل والإمبراطور فريدريك الثاني:
في سنة 1227م/624هـ ساءت العلاقات بين الملك المعظم عيسى صاحب دمشق، وبين أخويه الملك الكامل محمد والملك الاشرف موسى. وطلب الملك المعظم مساعدة جلال الدين خوارزم شاه ملك دولة الخوارزمية ضد أخويه، فسعى الملك الكامل إلى إقامة حلف مع فردريك الثاني إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة وملك صقلية لمواجهة تهديد أخيه المتحالف مع الخوارزمية في الشرق، ولأنه من جهة ثانية كان يدرك  صعوبة موقفه في حالة مهاجمة البلاد عن طريق حملة صليبية جديدة بينما هناك نزاع قائم بينه وبين أخيه الذي ساعده خلال الحملة الصليبية الخامسة.
في سنة 1228م / 625هـ خرج فردريك الثاني على رأس حملة صليبية صغيرة قوامها 600 فارس فقط - مما يوضح أنه لم يكن يجهز لحرب حقيقية - ونزل عكا (الحملة الصليبية السادسة)، فأرسل إليه الملك الكامل رسوله فخر الدين يوسف بن الشيخ للتفاوض على عقد معاهدة بينهما

 البابا جريجوري التاسع واقتتاح محاكم التفتيش بفرنسا
في 18 فبراير 1229م تم توقيع معاهدة سلام مدتها عشر سنوات تقضي بتسليم بيت المقدس وبيت لحم والناصرة لفردريك بشرط ألا يقيم الصليبيون في بيت المقدس حصوناً أو قلاعاً، وأن تبقى منطقة المسجد الأقصى في أيدي المسلمين، وأن يتعهد فردريك بمحالفة الملك الكامل ضد جميع أعدائه حتى ولو كانوا صليبيين، وأن يضمن فردريك عدم وصول إمدادات صليبية إلى الإمارتين الصليبيتين أنطاكية وطرابلس وفي 17 مارس 1229م دخل فردريك الثاني بيت المقدس في حماية قواته الألمانية والإيطالية، وسلمه شمس الدين قاضي نابلس مفتاح المدينة نيابة عن السلطان الكامل وثارت ثائرة كل من المسلمين والصليبيين على حد سواء. وراح الواعظ والمؤرخ سبط بن الجوزي يشهر بالملك الكامل في دمشق، ورفض الصليبيون التعاون مع فردريك باعتباره مسالماً للمسلمين، وخارجاً عن الكنيسة الكاثوليكية ومحروماً منها عن طريق جريجوري التاسع بابا الكنيسة الكاثوليكية
 الدولة الخوارزمية ما بين 1190م و1220م
(2)زوال الدولة الخوارزمية ووفاة السلطان الكامل:
بينما تلك الأحداث تجري في مصر كان المغول يتقدمون نحو حدود العالم الإسلامي الشرقية، وبحلول سنة 1228م/625هـ كان المغول قد دخلوا أراض الدولة الخوارزمية - الجبهة الأولى للعالم الإسلامي - ويتقاتلون في معارك دموية طاحنة مع جيش جلال الدين خوارزم شاه، بتحريض من الخليفة العباسي في بغداد أبو العباس أحمد الناصر لدين الله الذي استعان بالمغول ضد السلطان خوارزم شاه وأغراهم به، وظلت المعارك تتواصل بين المغول والخوارزمية إلى أن انهزم جلال الدين بالكامل في سنة 1230م/ 628هـ وقتل وانتهت دولته، وتشتت الخوارزمية وتمزقوا كل ممزق وتحول جنودهم الذين تشردوا إلى مرتزقة يعرضون خدماتهم على ملوك المنطقة الإسلامية المجاورة وفتحت الجبهة الشرقية للعالم الإسلامي على مصراعيها أمام جحافل المغول الذين لم يتبق لهم سوى دخول بغداد والتوغل في الأراضي العربية.
 الدولة الأيوبية ما بين 1171م و1246م
في سنة 1235م/ 633 هـ توجه السلطان الكامل ومعه أخيه الملك الأشرف موسى صاحب دمشق إلى الشرق وهزما الروم واستولى على حران والسويداء والرها وقطينا، ثم عاد الكامل إلى مصر وسلم جميع بلاد الشرق لابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب، مما أغضب الأشرف الذي كتب إلى الكامل يقول: " أخذت الشرق مني وأعطيته لولدك. وقد افتقرت. وإيش هي دمشق إلا بستان؟ ومالي فيها رزق". فأرسل الكامل إليه عشرة آلاف دينار ولكن الاشرف ردها إليه قائلاً : " أنا أعطي هذا أمير عندي ".
اتفق الأشرف مع ملوك حماة وحلب وغيرها على الانتقام من السلطان الكامل. إلا أن الأشرف مات بعد ذلك بقليل، وتملك دمشق أخيه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، فترك السلطان الكامل ابنه الملك العادل نائباً عنه في مصر وسار بالأجناد المصرية إلى الشام وحاصر دمشق ودخلها، ثم لحق بالأشرف في 21 رجب سنة 636 هـ وبينما تلك الأحداث جارية شن المغول أول هجوم لهم على بغداد سنة 1237م/635هـ ولكنهم فشلوا في الاستيلاء عليها
 مسجد الصالح نجم الدين أيوب
(3)صراعات الصالح أيوب مع ملوك بني أيوب
توفى السلطان الكامل تاركاً ابنه العادل في مصر وابنه الصالح أيوب في بلاد الشرق. وكان الصالح أيوب وقت وفاة أبيه ينازل الرحبة للاستيلاء عليها بمساعدة الخوارزمية، بعد أن كان قد استولى على سنجار ونصيبين والخابور، وكانت الرحبة تابعة للملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص، فلما علم الخوارزمية بوفاة السلطان الكامل طمعوا في الرحبة وأردوا أخذها لأنفسهم، فخرجوا عن طاعته، وهموا بالقبض عليه، ففر منهم إلى سنجار، فحاصره هناك الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل وأراد القبض عليه ونقله إلى بغداد في قفص حديد لشدة كراهيته له، فأرسل الصالح أيوب إلى ابنه المغيث فتح الدين الذي كان هو الآخر قد فر إلى حران خوفاً من الخوارزمية، وطلب منه استمالة الخوارزمية وإحضارهم إلى سنجار. ونجح المغيث وقاضي سنجار بدر الدين في استمالة الخوارزمية بعد أن أكدا لهم أن الصالح أيوب سيمنحهم سنجار وحران والرها، فذهبوا معهما إلى سنجار وفر بدر الدين لؤلؤ بعسكر الموصل. قويت شوكة الصالح أيوب بعودة الخوارزمية إليه وسيرهم إلى آمد لمساعدة ابنه المعظم غياث الدين توران شاه الذي كان محاصراً هناك عن طريق عسكر السلطان كيخسرو صاحب الروم. ونجح الخوارزمية في إبعاد الروم عن آمد وانتقل الصالح أيوب من سنجار إلى حصن كيفا .
الناصر صلاح الدين
(4)تنصيب العادل سلطاناً وتقسيم الشام
اتفق الأمراء، ومن بينهم عماد الدين إسماعيل والناصر داود، على تنصيب الملك العادل سلطاناً على مصر. أما الشام فقد تقاسمها أخوته وأقاربه من بني أيوب، فصارت دمشق من نصيب الملك الجواد مظفر الدين، وحلب من نصيب الملك الناصر صلاح الدين يوسف، وحمص من نصيب الملك المجاهد أسد الدين شيركوه، وحماه من نصيب الملك المظفر تقي الدين محمود، وبعلبك من نصيب الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، والكرك من نصيب الملك الناصر داود. ثم اتفق الملك الجواد مع الصالح أيوب على مقايضة دمشق بسنجار وعانة من بلاد الشرق. وكان من أسباب ذلك خوف الملك الجواد من الملك الصالح عماد الدين إسماعيل. ودخل الصالح أيوب دمشق في الأيام الأولى من شهر جمادى الآخرة سنة 636 هـ/1238م.
(5)اعتقال الصالح أيوب
في سنة 636هـ طلب كبار أمراء مصر من الصالح أيوب الحضور إلى القاهرة لتملك البلاد بدلاً من أخيه الملك العادل. وكان الأمراء لا يحبون الملك العادل لانشغاله في اللهو وتقريبه لرفاقه من صغار السن الذين كان يأخذ بآرائهم في إدارة الدولة ويغدق عليهم بالإقطاعات والأموال.
ولما وردت الأخبار بعزم الصالح أيوب المسير إلى القاهرة، خرج من مصر بضعة أمراء بأتباعهم وأجنادهم للانضمام إليه. واستولى الصالح على نابلس والأغوار وأعمال القدس والسواحل، ومنح الأمراء المنشقين على الملك العادل نابلس وأعمالها. وانزعج الملك العادل انزعاجاً شديداً وتأهب لمحاربته، وانضم إليه الملك الناصر داود صاحب الكرك. ولكن الخليفة العباسي أرسل رسالة إلى الصالح أيوب يطلب فيها منه أن يتصالح مع أخيه العادل حقناً للدماء، فأجل الصالح ذهابه إلى مصر احتراماً للخليفة.
في سنة 1239م/637 هـ، بينما كان الصالح أيوب في نابلس، هجم الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، عم الصالح أيوب، على دمشق وملكها بالاتفاق مع الملك المجاهد صاحب حمص، والأمير عز الدين صاحب صرخد)جد المؤرخ ابن أيبك الدواداري( واعتقل المغيث بن الصالح أيوب. ولما علم الصالح أيوب أن عمه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل قد خان العهود واستولى على دمشق في غيبته توجه إليها لحماية قلعتها، ولكن بعد أن وصلها علم بأن القلعة قد سقطت في يد الملك الصالح عماد الدين، فقرر العودة إلى نابلس، ولما علم عسكر الصالح أيوب ومماليكه ورفاقه أنه قد فقد دمشق وزال أمره فارقه منهم عدد كبير وذهبوا إلى دمشق، ولم يبق معه سوى بضعة أمراء ونحو الثمانين من مماليكه.
استجار الملك الصالح بابن عمه الناصر داود صاحب الكرك، فأرسل الناصر داود إليه بعض الأمراء على رأس ثلاثمائة فارس بزعم حمايته ولكنهم قبضوا عليه بعد عدة أيام هو وجاريته شجرة الدر بعد أن تخلصوا ممن بقي معه من مماليكة عن طريق إرسالهم إلى مكان آخر زعموا أن الصليبيين قد نزلوا فيه.
 احتجز الصالح أيوب مع شجر الدر وابنهما خليل ومملوكه ركن الدين بيبرس في قلعة الكرك
نقل الصالح أيوب إلى الكرك مع شجرة الدر التي كانت قد أنجبت منه في غضون ذلك ابنهما خليل، وحجز الثلاثة هناك في القلعة، ومعهم مملوكه ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي‏، وهو ليس الظاهر بيبرس الذي تسلطن فيما بعد.
باعتقال الصالح أيوب في الكرك اطمئن أخوه السلطان العادل على عرشه في مصر فزُينت القاهرة ووزعت الحلوى بتلك المناسبة، وأرسل العادل إلى الملك الناصر داود في الكرك يطلب منه إرسال أخيه الصالح أيوب إليه في قفص حديد مقابل منحه أربعمائة ألف دينار وفوقهم دمشق.
 فرد عليه الناصر داود برسالة تقول : " وصل كتاب السلطان، وهو يطلب أخاه إلى عنده في قفص حديد، وأنك تعطيني أربعمائة ألف دينار مصرية، وتأخذ دمشق ممن هي بيده وتعطيني إياها، فأما الذهب فهو عندك كثير، وأما دمشق فإذا أخذتها ممن هي معه، وسلمتها إلي، سلمت أخاك إليك، وهذا جوابي والسلام ".
لما وصل العادل رد ابن عمه الناصر داود أمر بالتجهيز للخروج إلى الشام للاستيلاء على دمشق التي كانت في يد عمه الملك عماد الدين إسماعيل. أطلع الناصر داود ابن عمه الصالح أيوب على كتاب أخيه العادل، وكتب له أبياتاً من الشعر ليست من تأليفه فيها : " فاصطبر وانتظر بلوغ الأماني.. فالرزايا إذا توالت تولت "، فرد عليه الصالح شاكراً، وأضاف هو الآخر أبياتاً شعرية من بينها بيت يقول :
" أما ترى البحر تطفوا فوقه جيف.. ويستقر بأقصى قعره الدرر "
حرر الملك الناصر داود القدس في سنة 1239م-637هـ
(6) تحرير القدس وإطلاق سراح الصالح أيوب
بينما ملوك بني أيوب في صراعاتهم منشغلون قام الصليبيون ببناء قلعة في القدس، وكان هذا خروجاً على أحد شروط معاهدة الملك الكامل وفردريك الثاني، فلما بلغ الملك الناصر داود ذلك سار إلى القدس بجنود من مصر وضربها بالمجانق واستولى عليها وأخرج الصليبيين منها في 7 ديسمبر 1239م/ 9 جمادى الأولى سنة 637 هـ، بعد أن حاصرها أحد وعشرين يوماً. وكتب جمال الدين بن مطروح مادحاً الناصر داود حفيد الناصر صلاح الدين: " فناصر طهره أولاً.. وناصر طهره آخرا ". ثم أشتبك الصليبيون مع العسكر المصري المقيم بساحل الشام فهزموا وقتل منهم الكثيرين ونقلت أسراهم إلى مصر
 قلعة دمشق
لم يعط السلطان العادل دمشق للملك الناصر داود، ولم يرسل الناصر داود الصالح أيوب إلى السلطان العادل، وتعقدت الأمور بينهما وازدادت علاقتهما ببعضهما البعض سؤً، ولم تنجح محاولات إقامة صلح بينهما من جهة، وبينهما وبين الملك عماد الدين إسماعيل من جهة أخرى. ثم أرسل الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة رسالة إلى الخوارزمية نقلها إليهم جمال الدين بن مطروح، يستحثهم فيها على مناصرة الملك الصالح أيوب ضد أخيه السلطان العادل، ومع الرسالة وضع رسالة أخرى من الملك الناصر داود كتب فيها : " إني لم أترك الملك الصالح بالكرك إلا صيانة لمهجته، خوفاً عليه من أخيه الملك العادل، ومن عمه الملك الصالح عماد الدين، وسأخرجه واملكه البلاد، فتحركوا على بلاد حلب، وبلاد حمص "
 قلعة حلب، دخلها صلاح الدين في 12 يونيو من عام 1183م.
بعد سبعة شهور من احتجاز الصالح أيوب بقلعة الكرك أطلق الملك الناصر داود سراحه بعد أن حلفه أن يأخذ له دمشق وحمص وحماة وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر وأن يعطيه نصف مصر ونصف ما في خزائن ملوك تلك الأقاليم وعن هذا حكى الصالح أيوب فيما بعد قائلاً : " فأخرجني في آخر شهر رمضان، وحلفني على أشياء ما تقدر عليها ملوك الأرض... فحلفت له من تحت القهر والسيف، والله مطلع على ضميري "
لما علم الملك الصالح عماد الدين في دمشق والسلطان العادل في مصر ما فعله الناصر داود عزما على قتاله وخرج العادل من مصر إلى بلبيس، وهناك انقلب عليه الأمراء، وقبضوا عليه وأرسلوا إلى الصالح أيوب يستعجلون حضوره إلى مصر، فسار إليها مع الناصر وعسكر الكرك. في 24 ذي القعدة سنة 637 وصل الصالح أيوب إلى بلبيس ونزل في خيمة العادل المعتقل. وفي صباح اليوم التالي دخل الصالح أيوب القاهرة. أما الناصر داود فقد عاد من بلبيس إلى الكرك وقام بتسليم القدس للصليبيين 
صور نادرة للملكة شجرة الدر اول ملكة فى الاسلام
(7)سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب
عاد الصالح أيوب إلى القاهرة وجلس على عرش مصر بتأييد من أكابر الأمراء ومماليك والده (المماليك الكاملية)، وخطب له في المساجد، وزينت البلاد وقلعة الجبل وسر الناس لما عرفوه عنه من نجابة وشهامة، وكشف السلطان الصالح أيوب بيت المال والخزانة السلطانية فلم يجد سوى دينار واحد وألف درهم، فطلب القضاة والأمراء الذين قبضوا على العادل وسألهم عن سبب قبضهم عليه فأجابوا: "لأنه كان سفيهاً "، فسألهم : " يا قضاة السفيه يجوز تصرفه في بيت مال المسلمين ؟ " فلما أجابوا بالنفي قال لهم: "أقسم بالله متى لم تحضروا ما أخذتم من المال، كانت أرواحكم عوضه" فخرجوا وعادوا بمبلغ كبير من المال، فتركهم ولكنه قبض عليهم واحد تلو الآخر فيما بعد.
 فارس مملوكي
لما أحس الصالح أن الأمراء والمماليك الأشرفية (مماليك عمه الملك الأشرف موسى) يتآمرون عليه قبض على عدد منهم من بينهم مقدمهم أيبك  الأسمر وشرع الصالح في تنظيم أمور دولته وتقوية مماليكه، وبدأ في تشييد مقر جديد له في جزيرة الروضة فأقام فيها الدور السلطانية والأسوار، ولما اكتملت انتقل إليها من قلعة الجبل وسكنها مع أهله وحرمه ومماليكه.
أما في الشام فقد نشب صراع بين الصالح إسماعيل صاحب دمشق والناصر داود صاحب الكرك وطلب الصالح إسماعيل من الصليبيين مساعدته في مقابل تسليمهم جميع ما فتحه صلاح الدين الأيوبي، ثم تطور ذاك الصراع إلى إقامة حلف مناهض للصالح أيوب في مصر، وكان من ضمن ذاك الحلف الناصر داود صاحب الكرك والصالح إسماعيل صاحب دمشق والملك المنصور إبراهيم صاحب حمص. وإلى هذا الحلف انضم الصليبيون الذين وعدهم الملوك المتحالفون معهم بتسليمهم جزء من مصر بعد هزيمة الصالح أيوب ومنح الصالح إسماعيل الصليبيين صفد وشقيف ونصف صيدا وطبرية وسائر بلاد الساحل، كما سمح لهم بدخول دمشق وشراء السلاح منها، مما أغضب المسلمين، فأفتى الشيخ عز الدين بن عز الدين عبد السلام  بتحريم بيع السلاح للصليبيين وقطع الدعاء للصالح إسماعيل في جامع دمشق فعزله الصالح إسماعيل فسار إلى مصر حيث ولاه الصالح أيوب الخطابة بـجامع عمرو بن العاص وقلده قضاء مصر والوجه القبلي.
في سنة 641 هـ تسلم الصليبيون طبرية وعسقلان من الحلف المناهض للصالح أيوب، وتمكنوا من الصخرة بالقدس وجلسوا فوقها يحتسون الخمر وعلقوا جرس على المسجد الأقصى. عندئذ كاتب السلطان الصالح أيوب الخوارزمية في بلاد الشرق وطلب منهم الحضور إلى مصر لمعاونته في محاربة الملوك الذين تحالفوا مع الصليبيين وسلموهم أراض المسلمين.
في نفس السنة دخل المغول بلاد الروم وهزموا السلطان غياث الدين كيخسرو، واستولوا على مملكته وعلى سيواس وقيسارية، وفر غياث الدين إلى القسطنطينية أما بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل الذي خضع بإرادته للمغول فقد راح يجبي المال من أهل الشام لصالح المغول وراح المغيث عمر صاحب الكرك يتصل بهم ويرسل الرسل إليهم طالباً السماح له بالدخول في طاعتهم، هذا والخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد يسالمهم ويرسل لهم الهدايا والأموال ويقلص عدد جنود جيشه ظناً منه أن ذلك سيحميه ويحمي بغداد منهم
 معركة غزة أو معركة الحربية
 (8) معركة غزة وتحرير القدس
عبر الخوارزمية نهر الفرات في نحو عشرة آلاف مقاتل يقودهم الأمير حسام الدين بركة خان مع عدة من الأمراء واقتحموا بعلبك وغوطة دمشق فتحصن الصالح إسماعيل بدمشق. ثم هاجم الخوارزمية القدس وقتلوا أعداداً من الصليبيين، ومنها ساروا إلى غزة وأرسلوا للصالح أيوب يعرفونه بقدومهم فرحب بهم وسمح لهم بالإقامة في غزة وأرسل إليهم خيل وأموال.
وجهز الصالح أيوب جيشاً تحت قيادة الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري أحد مماليكه الأخصاء والذي كان معه في الكرك وقت احتجازه (وهو ليس الظاهر بيبرس الذي تسلطن فيما بعد). وخرج الجيش بقيادة بيبرس إلى غزة حيث انضم للخوارزمية.
أما في الشام فقد جهز الصالح إسماعيل عسكر دمشق يقودهم الملك المنصور صاحب حمص. وانضمت إليه قوات من الكرك والعربان يقودها الظهير بن سنقر الحلبي والوزيري، والقوات الصليبية القادمة من عكا والتي كانت تضم فرسان المعبد)الداوية) والاسباترية وفرسان التيوتون الألمان وفرسان القديس لازاروس وجيش بيت المقدس بقيادة "والتر الرابع" و"ارماند دو بريجورد" و"فيليب منوتفورت"، ورفع الصليبيون الصلبان فوق رؤوس عسكر الشام وساروا جميعاً بحلفهم نحو مصر والقساوسة يباركونهم.

 تحالف الصليبيون مع ملوك بني أيوب في الشام ضد السلطان الصالح أيوب
في 17 أكتوبر 1244م / 13 جمادي الأولى 642 هـ اصطدم الجمعان في شمال شرقي غزة في معركة عرفت أيضاً باسم معركة الحربية أو معركة لافوربي (La Forbie). وكان الصليبيون في ميمنة جيش الشام بأكبر جيش دفعوا به إلى ميدان القتال منذ معركة حطين. وفي الميسرة عسكر الكرك والعربان، وفي القلب المنصور صاحب حماة. وهجم الخوارزمية علي العسكر الشامي بينما تصدى المصريون للصليبيين، وانهزم المنصور وفر الوزيري وأسر الظهير الحلبي، وأحيط بالصليبيين الذين حُصر جيشهم بين الخوارزمية والمصريين، ولم يفلت منهم أحداً إلا من تمكن من الفرار، وقدر عدد القتلى من الصليبيين بأكثر من 5000 قتيل من بينهم مقدم الداوية ورئيس أساقفة صور وأسقف الرملة وانهزم الحلف الشامي-الصليبي هزيمة منكرة خلال عدة ساعات فقط وفر المنصور إلى دمشق.
وصلت بشارة النصر إلى الملك الصالح أيوب في 15 جمادى الأول فزينت القاهرة وقلعتي الجبل والروضة، وسيق الأسرى إلى القاهرة، وكان من بينهم كونت يافا ومقدم الاسباترية وطيف بهم في الشوارع وهم محملين على الجمال، واستخدم الصالح أيوب الأسرى الصليبيين في إكمال تشييد جزيرة الروضة.
أما بيبرس فقد انطلق إلى عسقلان التي حوصرت عن طريقه براً وعن طريق السفن المصرية من البحر ودخلت القوات القدس وحررتها - ولم يتمكن الصليبيون منذ ذاك اليوم الاستيلاء على القدس مرة أخرى - كما دخلت الخليل وبيت جبرين والأغوار
 أنوسنت الرابع
(9) أثر عودة القدس للمسلمين:
وصلت أنباء سقوط القدس في أيدي المسلمين إلى أوروبا، وكان لسقوطها صدى يشبه صدى سقوطها في يد صلاح الدين الأيوبي في سنة 1187م وفي غضون شهر من سقوط القدس في أيدي المسلمين قام "روبرت" بطريرك بيت المقدس بإرسال "جاليران" أسقف بيروت إلى ملوك وأمراء أوروبا يستعجلهم بإرسال إمدادات إلى الأراضي المقدسة لمنع زوال مملكة بيت المقدس بالكامل وبدأ الأوروبيون بدعم من بابا الكاثوليك اينوسينت الرابع (Pope Innocent IV) يجهزون لحملة صليبية كبيرة ضد مصر

أسباب الحملة الصليبية السابعة
·   كان لهزيمة الصليبيين عند غزة في معركة الحربية أو " معركة لافوربي " (La Forbie) وسقوط بيت المقدس في أيدي المسلمين سنة 1244 صدى كبير في أوروبا التي أحس ملوكها أن ممالكهم في الشام قد أوشكت على السقوط بالكامل في أيدي المسلمين.
·   الفكرة السائدة في أوروبا منذ أواسط القرن الثاني عشر الميلادي أن مصر ما دامت على قوتها وبأسها فلا سبيل إلى نجاح الحملات الصليبية واسترداد بيت المقدس من المسلمين الذين نجحوا في استعادته من الصليبين مرة ثانية سنة (642هـ 1244م) على يد الملك الصالح أيوب) فراح الأوروبيون يجهزون لحملة كبيرة للاستيلاء على مصر لإخراجها من الصراع، حيث أنهم أدركوا، بعد هزيمة حملتهم الخامسة على مصر، ثم هزيمتهم في معركة الحربية عند غزة، وضياع بيت المقدس منهم، أن مصر بإمكانياتها البشرية والاقتصادية هي ترسانة العالم الإسلامي وقلعة التصدي لطموحاتهم في الاستيلاء على بيت المقدس والشرق.
·   استغلال فرصة الاجتياح التتري لشرق العالم الإسلامي، فيقوم الصليبيون باجتياح العالم الإسلامي من ناحية مصر والشام، ومن ثمة العمل على تكوين حلف مسيحي وثني بين الصليبيين والمغول، يهدم الدولة الأيوبية في مصر والشام من ناحية، ويطوق العالم الإسلامي ويحيط به من الشرق والغرب من ناحية أخرى 
الجنود المغول
تحالف الوثن مع الصليب


لم يكن هدف تلك الحلمة إعادة الاستيلاء على بيت المقدس، أو ضرب مصر باعتبارها قاعدة حربية هامة فحسب، وإنما استهدفت أيضا هدفا بعيد المنال، يتمثل في تكوين حلف مسيحي وثني بين الصليبيين والمغول، يهدم الدولة الأيوبية في مصر والشام من ناحية، ويطوق العالم الإسلامي ويحيط به من الشرق والغرب من ناحية أخرى.
وكانت الخطة البابوية تقوم على أساس أن تهاجم الحملة الصليبية المنطقة العربية من سواحل البحر المتوسط، وأن تبدأ برنامجها العسكري باحتلال دمياط أهم موانئ الحوض الشرقي للبحر المتوسط آنذاك، وفي الوقت نفسه تتقدم القوات المغولية من ناحية الشرق لتشن هجومها على المنطقة، وكانت القوات المغولية البربرية قد نجحت في اجتياح الجانب الشرقي من العالم الإسلامي.
 كيوك خان أوكتاي
لذلك أرسل البابا إنوسنت الرابع عدة سفارت إلى المغول لتحقيق هذا الغرض، غير أنهما لم يكللا بالنجاح، فقد كان لخان المغول الأعظم كيوك بن أوكيتاي رأي آخر، إذ أرسل إلى البابا يطلب منه أن يعترف له بالسيادة، ويعلن خضوعه له هو وملوك أوروبا، بل طالبه بأن يأتي إلى بلاطه جميع ملوك أوروبا لتقديم الجزية باعتباره الخان الأعظم للتتر وسيد العالم بأسره.
فلم  يكن الأوربيون  يعرفون شيئًا عن المغول وخطرهم الداهم إلا في فترة متأخرة، وذلك بعد اجتياحهم المشرق الإسلامي، حيث كان الفارون من جنوب روسيا حين غزاها المغول أول من قدّم معلومات عن الخطر المغولي إلى غرب أوربا، وزاد شعورهم بالخطر حين اجتاح التتار "جورجيا" و"أرمينيا" ولذا تحركت البابوية لدرء هذا الخطر، وهي تعد حملة صليبية جديدة، فوضع البابا "أنوسنت الرابع" (641 – 652 هـ = 1243 – 1254م) تحت عنوان: "علاج ضد الخطر المغولي" ثلاث سفارات بابوية:
فبينما كانت الاستعدادات تجري في الغرب الأوروبي على قدم وساق بين "البابا أنوسنت الرابع" و"لويس التاسع" ملك فرنسا لإرسال حملة صليبية إلى مصر، وإعادة الاستيلاء على بيت المقدس، رأى البابا في زحف المغول  نحو قلب العالم الإسلامي فرصة لا تضيع وذلك من خلال عقد تحالف معهم؛ للقضاء على المسلمين، والاستيلاء على ثرواتهم، والسيطرة على طرق التجارة الدولية، فأسرع البابا إلى إرسال عدة سفارات صليبية للمغول تهدف إلى عقد تحالف بين الصليبيين والمغول ضد العالم الإسلامي بما فيه من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، وكانت هذه السفارات على فترات زمنية متفاوتة النحو التالي:
·   السفارة الأولى:أرسلها البابا إلى المغول في سنة (643 هـ = 1245م)، حملت رسالة إلى زعيم المغول، يدعوه فيها إلى اعتناق المسيحية على المذهب الكاثوليكي، وإحلال السلام بين الغرب والمغول. ويبدو أن هذه السفارة لم تنجح في مهمتها تمامًا.
·   السفارة الثانية: أرسل البابا سفارة ثانية، غادرت ليون في (15 من ذي القعدة 1244 هـ = 16 من إبريل 1245م) ووصلت منغوليا وحضرت حفل تتويج "كيوك خان" على عرش المغول في مدينة "قرا قورم" عاصمة المغول في (9 من ربيع الآخر 644 هـ = 24 من أغسطس 1246م)، وقد أكرم كيوك خان وفادة سفارة البابا، ورد على المطالب البابوية بالرفض، وطلب من البابا أن يخضع هو وسائر ملوك أوربا المسيحيين للسيادة المغولية 
جماعة الدومينيكان

·   السفارة الثالثة: في الوقت الذي خرجت فيه السفارة الثانية للمغول كانت هناك سفارة ثالثة خرجت في إثرها، ضمت رهبانًا من جماعة "الدومنيكان" وأوكلت إليها مهمة مختلفة عن مهمة السفارتين السابقتين، فقد أمر البابا هذه السفارة أن تصل إلى أول جيش مغولي تقابله في فارس، وأن يحضّ قائده على الامتناع عن نهب الناس، وبخاصة المسيحيين منهم، وأن يعتنق المسيحية، وأن يتوب عن خطاياه، فالتقت السفارة بجيش مغولي في "تبريز" في (17 من المحرم 645 هـ= 24 من مايو 1247م)، وكان رد قائد الجيش المغولي أن رسالة البابا أدت إليه النصيحة بعدم القتل والتدبير، وأنه يرفض دعوته إلى اعتناق المسيحية، وعلى البابا وملوك أوروبا أن يعلنوا خضوعهم لسلطان المغول.. ومن ثم لم تؤد السفارات الثلاثة ما كان يطمح له البابا من جذب المغول الوثنيين إلى المسيحية ووقوفهم معا ضد المسلمين.
ومن الجدير  بالذكر أن المغول نجحوا في إقامة تحالف مع دولة أرمينيا الصغرى المسيحية أصبحت بمقتضاه تابعة للمغول. وتضمن الاتفاق الذي عقد بين الطرفين، تبعية "هيتون" ملك أرمينيا للمغول، وضرورة التعاون مع الدول المسيحية لاسترجاع بيت المقدس، وتعيين ملك أرمينيا مستشارًا لخاقان المغول في شئون المشرق، وإعفاء الكنائس في الإمبراطورية المغولية من أنواع الضرائب كافة.
الزحف المغولي
عادت المفاوضات مرة أخرى بعد انقطاع بين المغول وأوربا للقيام بعمل مشترك ضد المسلمين، فبعث "جغطاي خان" ملك المغول بسفارة إلى الملك لويس التاسع أثناء إقامته بقبرص قبل أن يقوم بالحملة الصليبية السابعة. وفي هذه السفارة يدعو "جغطاي" ملك فرنسا إلى التعاون معًا ضد المسلمين، واستعادة الأراضي المقدسة منهم، وقد أسرع ملك فرنسا بالرد، فأوفد سفارة إلى المغول لتنظيم التعاون بينهما، لكنها فشلت أمام اشتراطات المغول، وطلبهم أن يرسل الملك الفرنسي جزية سنوية إلى خان المغول.
وهكذا فشل المشروع البابوي في إقامة تحالف مع المغول ضد المسلمين، بسبب غطرسة المغول، وعدم قبولهم التحالف مع أي جهة تعتبر نفسها على قدم المساواة معهم.‏‏
 لويس التاسع أثناء الحملة الصليبية السابعة.
لم يغير فشل مشروع التحالف الصليبي المغولي من الأمر شيئا، فأبحرت الحملة الصليبية في خريف سنة (646هـ= 1248م) من ميناء مرسيليا الفرنسي إلى جزيرة قبرص، وظلت هناك فترة من الوقت، ثم أقلعت منها في ربيع العام التالي (647هـ= 1249م) وأبحرت تجاه الشواطئ المصرية بعد أن استعدت جيدا، وبلغ عدد رجالها نحو خمسين ألف جندي، في مقدمتهم أخوا الملك الفرنسي: شارل دي أنجو، وروبير دي أرتو
خط سير الحملة
في 25 آب عام 1248م أبحر لويس من مرفأ إيجو-مورت وتبعته سفن أخرى من نفس المرفأ ومن مرسيليا. كان الأسطول الصليبي ضخماُ ويتكون من نحو 1800 سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم. كان يصحب لويس زوجته "مرجريت دو بروفنس" وأخويه "شارل دي أنجو" و"روبرت دي أرتوا" ونبلاء من أقاربه ممن شاركوا في حملات صليبية سابقة مثل "هيو دو بورجوندي" وبيتر دو بريتاني وغيرهما.
 لويس التاسع يأخذ البركة من البابا قبل مسير الحملة الصليبية السابعة
كما تبعته سفينة على متنها فرقة إنجليزية يقودها "وليم أوف سليزبوري" و" فير روزاموند". وكانت هناك فرقة اسكتلندية مات قائدها "باتريك أوف دونبار" أثناء سفره إلى مرسيليا
 
أراد الملك لويس التوجه مباشرة إلى مصر لكن مستشاريه وباروناته فضلوا القيام بوقفة تعبوية لتجميع كل السفن والمقاتلين قبل التوجه إلى مصر، فتوقف بجزيرة قبرص، حيث انضم إليه عدد كبير من بارونات سورية وقوات من فرسان المعبد (الداوية) والاسبتارية قدمت من عكا تحت قيادة مقدميها.
في أيار عام 1249م ركب لويس سفينته الملكية "لو مونتجوي"، وأمر باروناته بإتباعه بسفنهم إلى مصر فأبحرت السفن من ميناء ليماسول القبرصي.و أثناء التوجه إلى مصر وقعت عاصفة بحرية قوية تسببت رياحها في جنوح نحو 700 سفينة من سفن الحملة إلى عكا وسواحل الشام. وكان ضمن المقاتلين على متن السفن الجانحة نحو 2100 من فرسان لويس التاسع الذين كان مجموعهم نحو 2800 فارس، فتوقف لويس لوقت قصير في جزيرة المورة اليونانية حيث انضم إليه "هيو دو بورجوندي" الذي كان ينتظر هناك، ثم أبحر جنوباً صوب مصر.
 قلعة عكا
علم الصالح أيوب بأنباء تلك الحملة وهو في بلاد الشام وترامى إليه تجمع الحشود الصليبية في قبرص، واستعدادها لغزو مصر والاستيلاء عليها فرجع السلطان إلى مصر على الرغم من مرضه، وبدأ في ترتيب أوضاعه العسكرية وتحكي المصادر التاريخية الإسلامية أن أخبار تلك الحملة بلغت السلطان الصالح أيوب عن طريق أمبراطور إلمانيا فردريك الثاني، وكانت تربطه صداقة بالأيوبيين، فأرسل رسولا من قبله تنكر في زي تاجر ليحذر الملك الصالح من تلك الحملة ولما علم الصالح أيوب أن مدينة دمياط سوف تكون طريق الصليبيين المفضل لغزو مصر عسكر بجيوشه جنوبها في بلدى أشموم طناح التي تسمى الآن أشمون الرمان بمركز دكرنس التابع لمحافظة الدقهلية وأمر بتحصين المدينة وأرسل إليها جيشا بقيادة الأمير فخر الدين يوسف، وأمره أن يعسكر بساحلها الغربي، ليحول دون نزول العدو إلى الشاطئ، فنزل هناك تجاه المدينة وأصبح النيل بينه وبينها.
 أرسل لويس كتاباً إلى السلطان الصالح أيوب يهدده ويتوعده ويطلب منه الاستسلام، وكان السلطان الصالح مريضاً مرض الموت وكانت الدولة الأيوبية تحتضر معه. اغرورقت عينا الصالح أيوب بعد أن قرئ عليه كتاب لويس ورد عليه يحذره من مغبة عدوانه وصلفه، وينبئه بأن بغيه سيصرعه وإلى البلاء سيقلبه. ولما وصل رد الملك الصالح إلى لويس برفض الاستسلام قرر لويس بدء عملية الإنزال.
 قوات الحمله الصليبيه السابعه نزلت بر دمياط.
وصل الأسطول الصليبي إلى المياه المصرية أمام دمياط (20 من صفر 647هـ، من يونيو 1249م) وفي فجر السبت 5 حزيران عام 1249م بدأت عملية إنزال القوات الصليبية على بر دمياط. وكانت القوات تضم نحو 50000 مقاتل وفارس. ضربت للويس خيمة حمراء كبيرة على الشط، ونشب قتال عنيف بين المسلمين والصليبيين انتهى بتراجع المسلمين. واحتل الصليبيون دمياط بدون أن يواجهوا مقاومة، حتى أنهم قد ظنوا في بادئ الأمر أنها مكيدة من المسلمين. استولى الصليبيون على المدينة بكل ما فيها من سلاح وعتاد ومئونة، وحصنوا أسوارها.
وفي اليوم التالي نزل الصليبيون إلى البر الغربي للنيل، ووقعت بينهم وبين المسلمين مناوشات انسحب بعدها الأمير فخر الدين وقواته المكلفة بحماية المدينة إلى المعسكر السلطاني باشموم طناح، ولما رأى أهالي دمياط انسحاب الحامية فروا خائفين مذعورين، تاركين الجسر الذي يصل بين البر الغربي ودمياط قائما، فعبر عليه الصليبيون واحتلوا المدينة بسهولة، وهكذا سقطت دمياط في أيدي القوات الحملة الصليبية السابعة دون قتال.
 استقبل الصالح أيوب أنباء سقوط دمياط بمزيج من الألم والغضب فأمر بنقل عدد من الفرسان الهاربين، وأنب الأمير فخر الدين على تهاونه وضعفه، واضطر إلى نقل معسكره إلى مدينة المنصورة، ورابطت السفن الحربية في النيل تجاه المدينة، وتوافد على المدينة أفواج من المجاهدين الذين نزحوا من بلاد الشام والمغرب الإسلامي واقتصر الأمر على الغارات التي يشنها الفدائيون المسلمون على معسكر الصليبيين واختطاف كل من تصل إليه أيديهم، وابتكروا لذلك وسائل تثير الدهشة والإعجاب، من ذلك أن مجاهدا من المسلمين قور بطيخة خضراء، وأدخل رأسه فيها ثم غطس في الماء إلى أن اقترب من معسكر الصليبيين فظنه بعضهم بطيخة عائمة في الماء، فلما نزل لأخذها خطفه الفدائي المسلم، وأتى به أسيرا، وتعددت مواكب أسرى الصليبيين في شوارع القاهرة على نحو زاد من حماسة الناس، ورفع معنويات المقاتلين إلى السماء، وفي الوقت نفسه قامت البحرية المصرية بحصار قوات الحملة وقطع خطوط إمدادها في فرع دمياط استمر هذا الوضع ستة أشهر منذ قدوم الحملة، ولويس التاسع ينتظر في دمياط قدوم أخيه الثالث كونت دي بواتييه، فلما حضر عقد الملك مجلسا للحرب لوضع خطة الزحف، واستقروا فيه على الزحف صوب القاهرة فخرجت قواتهم من دمياط في يوم السبت الموافق (12 من شعبان 647هـ، 20 من نوفمبر 1249م) وسارت سفنهم بحذائهم في فرع النيل، وبقيت في دمياط حامية صليبية.
 وتحولت دمياط إلى مستعمرة صليبية، وعاصمة لمملكة ما وراء البحار، وصار جامعها الكبير كاتدرائية، ونصب أحد القساوسة أسقفاً عليها، وأنشأت الأسواق الأوروبية، وأمسك تجار جنوة وبيزا بزمام التجارة فيها. واستقبل لويس صديقه بالدوين الثاني إمبراطور القسطنطينية، وحضرت زوجته من عكا للإقامة معه، وقد كانت قد توجهت من قبرص إلى عكا عند إبحاره إلى مصر
أما في الجانب المصري فقد وقعت أنباء سقوط دمياط في أيدي الصليبيين كالصاعقة على الناس، وانزعج واشتد حنق السلطان الصالح أيوب على أمراء جيشه. وحمل السلطان المريض في حراقة إلى قصر المنصورة. وقدمت الشواني بالمحاربين والسلاح، وأعلن النفير العام في البلاد فتسارع المسلمون من كل حدب وصوب، من كافة أنحاء مصر إلى المنصورة لأجل الجهاد ضد الغزاة.
 قامت حرب عصابات ضد الجيش الصليبي المتحصن خلف الأسوار والخنادق، وراح المجاهدون يشنون هجمات على معسكراته ويأسرون مقاتليه وينقلونهم إلى القاهرة. ويروي المؤرخ الصليبي "جوانفيل" الذي رافق الحملة، (أن المسلمين كانوا يتسللون أثناء الليل إلى المعسكر الصليبي ويقتلون الجنود وهم نيام ويهربون بروؤسهم). ويذكر المؤرخ ابن أيبك الدواداري (أن الصليبيين كانوا يخافون من العوام المتطوعين أكثر من الجنود)
المؤرخ الفرنساوى چان دى چوانفيل حضر المعارك و أرخ لها
في 20 تشرين الثاني عام 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط، خرج الصليبيون من دمياط وساروا على البر بينما سفنهم في بحر النيل توازيهم، وقاتلوا المسلمين هنا وهناك حتى وصلوا في 21 كانون الأول إلى ضفة بحر أشموم (يعرف اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه بحر أشموم هي الحاجز الذي يفصل بينهم وبين معسكر المسلمين على الضفة الأخرى. حصن الصليبيون مواقعهم بالأسوار، وحفروا خنادقهم، ونصبوا المجانيق ليرموا بها على عسكر المسلمين، ووقفت سفنهم بإزائهم في بحر النيل، ووقفت سفن المسلمين بإزاء المنصورة، ووقع قتال شديد بين الصليبيين والمسلمين في البر ومياه النيل.
حاول الصليبيون إقامة جسر ليعبروا عليه إلى الجانب الآخر ولكن المسلمين ظلوا يمطرونهم بالقذائف ويجرفون الأرض في جانبهم كلما شرعوا في إكمال الجسر حتى تخلوا عن الفكرة. وراحت المساجد تحض الناس على الجهاد ضد الغزاة مرددة)انفروا خفافا وثقالا، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)، فصار الناس يتواردون من أنحاء مصر على منطقة الحرب بأعداد غفيرة.

ضريح الملك الصالح
وفاة الملك الصالح
خرج الصليبيون من دمياط في 12 شعبان 647هـ متجهين جنوباً عبر النيل صوب القاهرة، وكان من المؤكد أنهم سيمرون على المنصورة كما توقع الصالح أيوب.. ولكن - سبحان الله -  في ليلة النصف من شعبان سنة 647 هـ توفي الملك الصالح نجم الدين أيوب - رحمه الله - ، وهو في المنصورة يعد الخطة مع جيوشه لتحصين المدينة، فنسأل له الله المغفرة والرحمة وأجر الشهداء.. يقول ابن تغري بردي صاحب كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة والمتوفى سنة 874 هـ: "ولو لم يكن من محاسن السلطان الصالح نجم الدين أيوب إلا تجلده عند مقابلة العدو بالمنصورة، وهو بتلك الأمراض المزمنة، وموته على الجهاد والذبّ عن المسلمين لكفاه ذلك"، ثم يقول:" ما كان أصبره وأغزر مروءته!"..
كانت مصيبة خطيرة جداً على المسلمين، لا لفقد الزعيم الصالح فقط، ولكن لفقدان البديل والخليفة له، وخاصة في ذلك التوقيت، والبلاد في أزمة شديدة، وميناء دمياط محتل، وجنود الصليبيين في الطريق ،وهنا تصرفت زوجة السلطان نجم الدين أيوب"شجرة الدر".  بحكمة بالغة.. 
 شجرة الدّر ، جارية من جواري الملك الصالح 
شجر الدر تكتم خبر الوفاة 
شجرة الدرّ كانت فيما سبق جارية من أصل أرمني أو تركي، اشتراها الصالح أيوب ثم أعتقها وتزوجها، ولذلك فهي في الأصل أقرب إلى المماليك..
 لقد كتمت شجرة الدرّ خبر وفاته، وقالت أن الأطباء منعوا زيارته، وأرسلت بسرعة إلى ابن الصالح أيوب، والذي كان يحكم مدينة تعرف "بحصن كيفا "(في تركيا الآن) وكان اسمه "توران شاه بن نجم الدين أيوب"، وأبلغته بخبر وفاة أبيه، وأن عليه أن يأتي بسرعة لاستلام مقاليد الحكم في مصر والشام، ثم اتفقت مع كبير وزراء الملك الصالح وكان اسمه "فخر الدين يوسف" على إدارة الأمور إلى أن يأتي توران شاه، ثم كلفت فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس بالاستمرار في الإعداد للمعركة الفاصلة في المنصورة، وهكذا سارت الأمور بصورة طيبة بعد وفاة الملك الصالح، ولم يحدث الاضطراب المتوقع نتيجة هذه الوفاة المفاجئة، وفي هذه الظروف الصعبة..
 ومع كل احتياطات شجرة الدرّ إلا أن خبر وفاة الملك الصالح أيوب تسرب إلى الشعب، بل ووصل إلى الصليبيين، وهذا أدى إلى ارتفاع حماسة الصليبيين، وانخفاض معنويات الجيش المصري، وإن ظل ثابتاً في منطقة المنصورة 
معركة المنصورة في 1250م

 موقعة المنصورة
وضع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس خطة بارعة لمقابلة الجيش الفرنسي في المنصورة، وعرضاها على شجرة الدر، وكانت شجرة الدرّ تمثل الحاكم الفعلي لحين قدوم توران شاه ابن الصالح أيوب.. وأقرت شجرة الدرّ الخطة، وأخذ الجيش المصري مواقعه، واستعد للقاء.. 
هذا الوضع الذي بات عليه المسلمون بعد موت سلطانهم شجع الصليبيين على الاستعجال بالمعركة، وقد ظنوا أنهم سيحسمونها لصالحهم سريعاً،فتوجهوا نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش المصري برمته بعد أن أخذتهم العزة وظنوا أنهم لا ريب منتصرين.
 أمسك المماليك بزمام الأمور بقيادة فارس الدين أقطاي، الذي أصبح القائد العام للجيش المصري، وكان هذا أول ظهور للمماليك كقواد عسكريين داخل مصر. تمكن المماليك من تنظيم القوات المنسحبة وإعادة صفوفها، ووافقت شجرة الدر - الحاكم الفعلي للبلاد - على خطة بيبرس البندقداري باستدراج القوات الصليبية المهاجمة إلى داخل مدينة المنصورة، فأمر بيبرس بفتح باب من أبواب المنصورة وبتأهب المسلمين من الجنود وأفراد الشعب داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام.
بلعت القوات الصليبية الطعم، فظن فرسانها أن المدينة قد خلت من الجنود والسكان كما حدث من قبل في دمياط، فاندفعوا إلى داخل المدينة بهدف الوصول إلى قصر السلطان، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية وهم يصيحون كالرعد القاصف وأخذوهم بالسيوف من كل جانب ومعهم العربان وأفراد الشعب والفلاحين يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وسد المسلمون طرق العودة بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وأدركوا أنهم قد سقطوا في كمين محكم داخل أزقة المدينة الضيقة وأنهم متورطون في معركة حياة أو موت، فألقى بعضهم بأنفسهم في النيل وابتلعتهم المياه. وكان النصر المبين. حيث فرت جيوشه لا تلوي على شيء، وقد وقع الآلاف منهم بين جريح وقتيل وأسير. وانتهت معركة المنصورة الخالدة بهزيمة ماحقة بالصليبيين جعلتهم لا يفكرون ثانية بغزو بلاد المسلمين لقرون
 معركة فارسكور وفشل الحملة الصليبية السابعة
توران شاه وموقعة فارسكور
وصل توران شاه إلى المنصورة في السابع عشر من ذي القعدة سنة 647 هجرية، وتسلم السلطان الشاب مقاليد الحكم، وأعلن رسمياً وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وولاية توران شاه حكم مصر والشام.. ثم بدأ توران شاه في التخطيط لهجوم جديد على الصليبيين.. وكانت حالة الجيش الصليبي قد ساءت، وبدأ بالانسحاب ناحية دمياط، بينما ارتفعت معنويات الجيش المصري جداً للانتصارات السابقة، وخاصة انتصار المنصورة، ولوصول توران شاه في الوقت المناسب..
الذي شرع  في إعداد خطة لإجبار الملك لويس التاسع على التسليم، بقطع خط الرجعة على الفرنسيين، فأمر بنقل عدة سفن مفككة على ظهور الجمال وإنزالها خلف الخطوط الصليبية في النيل.
 بهذه الوسيلة تمكنت الأساطيل المصرية من مهاجمة السفن الصليبية المحملة بالمؤن والأقوات، والاستيلاء عليها وأسر من فيها، وأدى هذا إلى سوء الحال بالفرنسيين، وحلول المجاعة بمعسكرهم وتفشي الأمراض والأوبئة بين الجنود، فطلب لويس التاسع الهدنة وتسليم دمياط  مقابل أن يأخذ الصليبيون بيت المقدس وبعض بلاد ساحل الشام، فرفض المصريون ذلك وأصروا على مواصلة الجهاد.
لم يجد الصليبيون بدًا من الانسحاب إلى دمياط تحت جنح الظلام، وأمر الملك بإزالة جسر قناة أشموم، غير أنهم تعجلوا أمرهم، فسهوا عن قطع الجسر، فعبره المصريون في الحال، وتعقبوا الصليبيين، وطاردوهم حتى فارسكور، وأحدقوا بهم من كل جانب، وانقضوا عليهم انقضاض الصاعقة، وذلك في يوم الأربعاء الموافق 3 من المحرم سنة 648هـ= إبريل 1250م، وقتلوا منهم أكثر من عشرة آلاف، وأُسر عشرات الألوف، وكان من بين الأسرى أنفسهم الملك لويس التاسع نفسه، حيث تم أسره في قرية "منية عبد الله" شمال مدينة المنصورة، وتم نقله إلى دار القاضي فخر الدين بن لقمان، حيث بقي سجينا فترة من الزمان.
دار بن لقمان الذي أسر لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية السابعة 
 ووضعت شروط قاسية على الملك لويس التاسع ليفتدي نفسه من الأسر، وكان من ضمنها:
·   أن يفتدي نفسه بثمانمائة ألف دينار من الذهب يدفع نصفها حالاً ونصفها مستقبلاً.
·       أن يحتفظ توران شاه بالأسرى الصليبيين إلى أن يتم دفع بقية الفدية.
·       إطلاق سراح الأسرى المسلمين.
·      تسليم دمياط للمسلمين.
·      عقد هدنة بين الفريقين لمدة عشر سنوات..
لقد كان انتصاراً باهراً بكل المقاييس..وتم بالفعل جمع نصف الفدية بصعوبة، وأطلق سراح الملك لويس التاسع إلى عكا، وكانت إمارة صليبية في ذلك الوقت.. نسأل الله أن يحررها من دنس اليهود الآن..
المقصورة الذهبية التي تحوي بعض من رفات القديس الملك لويس التاسع .
وصية لويس التاسع للعالم الصليبي:
أُطلق سراح لويس التاسع بعد أن قدم فدية كبيرة للمسلمين، فكان أول عمل قام به بعد تحريره من الأسر أن ابتاع مئات المخطوطات الثمينة والنادرة وحملها إلى سفينته على 14 بغلاً.
وبعد وصوله سالماً إلى فرنسا توجه إلى أتباعه بالوصية التالية، التي اعتبرت وثيقة هامة حفظت في دار الوثائق القومية في باريس، يقول فيها: إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال الحرب، وإنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة بإتباع ما يلي:
·   إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين، وإذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملاً على إضعاف المسلمين
·      عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح
·   إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء، حتى تنفصل القاعدة عن القمة
·      الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه، يضحى في سبيل مبادئه
·      العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة.
·   العمل على قيام دولة غريبة في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوباً إلى أنطاكية شمالاً ثم تتجه شرقاً وتمتد حتى تصل إلى الغرب
هذا ما أوصى به لويس التاسع ملك فرنسا بعد حملته الفاشلة على مصر، أوصى به ملوك أوربا، فكلهم ضد الإسلام سواء، و إذا ما عمقنا النظر، وأمعنا التفكير في تلك الكلمات لوجدناها تصرخ بالصدق في ما وصل إليه حالنا العربي والإسلامي. فهذا الرجل يهدف إلى:
§      تحويل الفكر الإسلامي من منطلقاته وأهدافه.
§      تزييف عقيدة الإسلام التي تحمل فكرة الجهاد بهدف القضاء على روح الجهاد
§   تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية فكرية، سلمية تستهدف تدمير الإسلام وأهله.
§   تفرغ علماء الصليبين لدراسة الحضارة الإسلامية ليأخذوا منها السلاح الجديد الذي يغزون به الفكر الإسلامي.
فهل نحن معتبرون؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!