الفصل الخامس: موقف الغرب
(المسيحية السياسية) من الإسلام.
(5) التخطيط لتحقيق أهدافهم:
أولاً: القضاء على آخر مظهر للخلافة الإسلامية المتمثلة في الدولة العثمانية:
راندلوف تشرشل
قال راندلوف تشرشل بعد سقوط القدس
1967:
لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حُلم المسيحيين واليهود على السواء،
وإن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود،إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين، وقد
أصدر الكنيست الإسرائيلي ثلاثة قرارات بضمها إلى القدس اليهودية، ولن تعود إلى
المسلمين في أية مفاوضات مقبلة ما بين المسلمين واليهود.
لورانس براون.
يقول لورانس براون:
كان قادتنا يخوفوننا بشعوب مختلفة، لكننا بعد الاختبار لم نجد مبرر لتلك
المخاوف، كانوا يخوفوننا بالخطر اليهودي، والخطر الياباني الأصفر، والخطر البلشفي،
لكنه تبين لنا أن اليهود أصدقاؤنا، والبلاشفة الشيوعيون حلفاؤنا، أما اليابانيون
فإن هناك دولا ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقاومتهم، لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي
علينا موجود في الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته المدهشة.
ويقول مورو بيرجر في كتابه العالم
العربي المعاصر:
إن الخوف من العرب، أو اهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود
البترول بغزارة عند العرب،بل بسبب الإسلام، يجب محاربة الإسلام، للحيلولة دون وحدة
العرب، التي تؤدي إلى قوة العرب، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام
وعزته وانتشاره.
لما كان ذلك كذلك، فماذا فعلوا لمحاربة العرب والإسلام؟!
بعد فشل الحروب
الصليبية الأولى التي استمرت قرنين كاملين في القضاء على دولة الإسلام، قام الغرب الصليبي بدراسة واعية لكيفية القضاء على
الإسلام وأمته، وبدؤوا منذ قرنين يسعون
بكل قوة للقضاء على الإسلام،و كانت
خطواتهم في ذلك تتمثل في:
السلطان الغازي عبد الحميد خان الثاني الكبير آخر سلطان فعليّ للدولة العثمانية..
أولاً: القضاء على آخر مظهر للخلافة الإسلامية المتمثلة في الدولة العثمانية:
والتي كانت رغم بعد حكمها عن روح الإسلام، إلا أن الغرب الصليبي كان يخشى أن تتحول هذه الخلافة من خلافة شكلية إلى خلافة حقيقية تهددهم بالخطر، ولسوف يدور حديثنا عن القضاء على الخلافة أو الدولة العثمانية من خلال عدة نقاط هي:
الصفحة الأولى من الدستور العثماني القائم على الشريعة الإسلامية، قيل تغييره على يد أتاتورك
(1) السلطان عبد الحميد الثاني والدفاع عن الخلافة:
عندما تولى السلطان عبد الحميد الثاني الحكم في تركيا عام 1876 ، كانت أطماع الغرب المسيحي في الدولة العثمانية قد بلغت أوجهها، وكان عليه وحده عبء مواجهة هذه الأطماع، وإيجاد مخرج للدولة منها، ولكن أين له القوة على ذلك وقد بلغت الدولة من الانحطاط قبل توليه الحكم ما بلغت.
حفل إعلان الدستور العثماني وافتتاح البرلمان.
عقيدة السلطان عبد الحميد الثاني
لقد كان للسلطان عبد الحميد منطلق فكرى وعقيدي، (كما جاء في مذكراته) يتمثل في أن الإسلام: هو الروح التي تسري في جسم البشرية فتحييها، وتغزو القلوب فتفتحها، ويرى: أن القوة الوحيدة التي ستجعلنا واقفين على أقدامنا؛ هي الإسلام،وأننا أمة قوية؛ بشرط أن نكون مخلصين لهذا الدين العظيم.
صوره أخرى للسلطان عبد الحميد الثانى داخلا لجامع ايا صوفيا لحظورالصلاة وخطبة الجمعه - رحمه الله.
فكان يستمد من هذه العقيدة، القوة والصلابة التي تمكنه من مجابهة الأطماع الغربية الصليبية في دولة الخلافة، وكان يرى: أن حملات الصليبية الموجهة ضد الدولة العثمانية لم ولن تتوقف قط، فلا يزال جلادستون العجوز "رئيس وزراء انجلترا" يسير على خطى البابا في هذا السبيل، وما زال النصارى ينفقون الملايين في سبيل نشر النصرانية ببلاد الإسلام.
جلادستون العجوز رئيس وزراء انجلترا
كانت هذه الرؤية؛ بمثابة الأسس الفكرية التي كان ينظر من خلالها السلطان عبد الحميد إلى الصراع الدائر ضد حامية الخلافة الإسلامية ومن ثمة كانت محاولة السلطان عبد الحميد في تنفيذ فكرة التجمع على النحو الذي يؤيد به نفوذ (القوة العربية الإسلامية) القائمة باسم (الخلافة العثمانية) كقوة مقاومة للنفوذ الغربي،ومن هنا أطلق الكتاب على هذه المرحلة 1876 - 1908، وهي فترة حكم السلطان عبد الحميد في تركيا، اسم تركيا الإسلامية.
رسم هزلي من مجلة اللكمة البريطانية يعود لتاريخ 17 يونيو سنة 1876، يصوّر الإمبراطورية الروسية بهيئة رجل، على وشك أن تُطلق كلاب الحرب البلقانية على الدولة العثمانية، بينما بريطانيا ممثلة بهيئة شرطي تحذرها من مغبة عملها أعلنت الصرب والجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية في اليوم الثاني لهذا العدد
الجامعة الإسلامية
فلما رأى السلطان عبد الحميد أن عقد الدولة العثمانية أخذ ينفرط، وأن البلاد الإسلامية تسقط الواحدة تلو الأخرى تحت نير الاحتلال الأجنبي؛ تونس 1881، مصر 1882، بدأ صيحته إلى (الجامعة الإسلامية)؛ وهي أن الدولة العثمانية قاعدة الخلافة الإسلامية، وهي ليست للعرب والترك فقط، بل لكل مسلمي العالم شرقاً وغرباً، وينبغي على المسلمين أن يتحدوا لتحرير أراضيهم وثرواتهم في كل مكان من أيدي الغرب الصليبي وأعوانه.
السلطان عبد الحميد
و كان ذلك بحق، عملاً سياسياً كبيراً، استهدف به السلطان عبد الحميد دعم الوحدة الإسلامية العثمانية كقوة سياسية في وجه النفوذ الأجنبي والقوى الاستعمارية التي كانت تمر بأشد مراحل الغزو على عالم الإسلام شراسة، وبعد أن سقطت الهند في يد بريطانيا، والملايو في يد هولندا، وسيطرت بريطانيا وروسيا على حدود فارس والأفغان، وسقطت أجزاء الخليج العربي في يد بريطانيا أيضاً، بالإضافة إلى مصر والسودان، وسيطرت فرنسا على الجزائر وتونس.
الزعيم المصري مصطفى كامل كان من أنصار الجامعة الإسلامية.
كانت صيحته كما يقول لوثروب: بمثابة استصراخ الأمم الإسلامية في كل رقعة من رقاع العالم الإسلامي لتمد يد العون إليه وشد أزره بالالتفاف حوله، قاصداً قذف الرعب في روع الدول الغربية، التي خالها تتأمر فيما بينها وتتخذ الوسائل والتدابير للقضاء على الخلافة الإسلامية المتمثلة في المملكة العثمانية ، وقد بلغ أمر هذه الدعوة غايته؛ وهي تكتيل المسلمين وجمع كلمتهم وتهيؤهم للجهاد، حتى كان السلطان يفاوض الدول الكبرى ويساومها، بل ويهددها أحياناً، مُلوّحا بسلاح الجهاد.
توزيع الأراضي حسب اتفاقية سايكس بيكو، حيث وقع جزء كبير من فلسطين - باللون البني - تحت الإدارة الدولية.
فاجتهدت دول الغرب المسيحي على الفكاك من دعوة السلطان عبد الحميد لإنشاء الجامعة الإسلامية بالقوة مرة، و أخرى بخلق الدسائس والاضطرابات ، وثالثة بالحملة على السلطان عبد الحميد نفسه وتشويه سمعته ثم الانقضاض عليه حتى ينتهي الأمر بعزله، ومن ثم كانت الجامعة الإسلامية التي دعى إليها السلطان عبد الحميد لبعث القوة الإسلامية، والوقوف بها أمام الغرب الطامع في بلاد الإسلام إحدى حلقات الصراع التي أدارها السلطان أثناء خلافته.
رسم ليهود عثمانيين من القرن السابع عشر..
علاقة السلطان عبد
الحميد باليهود
ثيودور هرتزل رئيس الجمعية الصهيونية
لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بازل)بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء
عقيدتهم، وأصر هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض، ثم
قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء
العثمانيين، لكنه لم يفلح.
وأخيرًا زار السلطان عبد
الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي)و(عمانيول قرة صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في
إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة
مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة
التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: ((إنكم لو دفعتم ملء
الدنيا ذهبا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع وربما إذا
تفتت إمبراطوريتي يوما، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل))، ثم أصدر أمرًا بمنع
هجرة اليهود إلى فلسطين.
ومن أقواله ومواقفه دفاعا عن فلسطين:
(أنصحوا
الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع
أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي
ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية،
ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم
يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون
علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون. إني لا
أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة) السلطان عبد الحميد الثاني استانبول 1901م
خارطة خطة تقسيم فلسطين.
الصراع بين السلطان عبد
الحميد واليهود:
لم يكن بالطبع الصراع الغربي النصراني مع السلطان
عبد الحميد هو الحلبة الوحيدة التي صارع في رحابها السلطان عبد الحميد، لأن
الغرب لم يكن وحده مهتماً بعزله وتمزيق دولته، بل كانت هناك قوى
أخرى لعبت دوراً كبيراً سارت به في اتجاه متواز تماماً مع الجهود الغربية؛ ألا وهي المنظمات الصهيونية المتحالفة مع
الماسونية، في التهام فلسطين من
سكانها العرب.
مدينة سلانيك اليونانية الآن
وقد بدأت هذه الجهود منذ عام
1897 بانعقاد المؤتمر الصهيوني
برئاسة هرتزل في مدينة بال السويسرية، وقرر إنشاء الدولة اليهودية
خلال خمسين عاماً، فاستغلت الجمعية الصهيونية الضائقة الاقتصادية التي كانت تمر بها الدولة العثمانية، ولجأت إلى
الإغراء المالي لتحقيق أهدافها،
واختارت (آمان ويل قرة صو) المحامي اليهودي، مؤسس المحفل الماسوني في مدينة سلانيك، لمقابلة السلطان عبد الحميد، وعرض
مطالبهم عليه، وبالفعل تم ذلك بتاريخ
17 سبتمبر 1901ص، وقدم إليه عريضة يلتمس فيها منح اليهود منطقة
ذات إدارة ذاتية في فلسطين، وفي مقابل ذلك :
· تقدم الجمعية الصهيونية قرضا لمدة غير محدودة، قيمته (20) مليون ليرة ذهبية دون فائدة، إلى خزينة الدولة.
· تقديم (5) ملايين ليرة ذهبية إلى خزينة السلطان الخاصة كهدية
إلا أن السلطان عبد الحميد فور سماعه فحوى العريضة، استشاط غضباً وطرد (قرة صو( وقال: "إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً، فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي، إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم، لا يمكن أن يُباع، وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يوماً، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل.
فرمان عثماني موقع من السلطان عبد الحميد الثاني يعارض فيه الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
ولم يكتف السلطان بذلك، وإنما أصدر عدداً من القرارات؛ يحظر فيها على ولاته، السماح لليهود بشراء أراض في فلسطين، أو استقرارهم فيها، وجاء في أحد فرماناته: (لا يسمح بإجراء ينتج عنه قبول اللاجئين اليهود المطرودين من كل بلد يترتب عليه إنشاء حكومة موسوية في القدس مستقبلاً،............. لماذا نقبل في بلادنا من طردهم الأوربيون المتدنون وأخرجوهم من ديارهم؟
ولم يقتصر أمر السلطان على الصدر الأعظم رئيس الوزراء وإنما أصدر فرماناً موجهاً إلى السلطات العسكرية مباشرة؛ يأمرهم فيه بمنع قبول اليهود أو إسكانهم في فلسطين،فقد أدت مواقف عبد الحميد المتصلبة أمام المشروع الصهيوني، إلى جعلهم يوقنون باستحالة تحقيقه، طالما بقي هو على سدة الحكم، وقد عبّر هرتزل عن ذلك بقوله: لقد فقدنا الأمل في تحقيق آمال اليهود في فلسطين، فإن اليهود لن يستطيعوا دخول الأرض الموعودة، طالما ظل عبد الحميد قائماً في الحكم مستمراً فيه.
ومن ثم كان خلع عبد الحميد وتمزيق حكمه، هدفاً وغاية لا يمكن الرجوع عنها، وسوف نرى فيما بعد، الدور الصهيوني في انقلاب 1908، الذي نتج عنه عزل السلطان عبد الحميد
يهود الدونمة
هناك مفاهيم عديدة لكلمة الدونمة، إذ إن الكلمة من الناحية اللغوية مشتقة من الكلمة التركية (دونمك) التي تعني الرجوع أو العودة أو الارتداد. أما المفهوم الاجتماعي لهذه الكلمة فإنه يعني المرتد أو المتذبذب، بينما تعني هذه الكلمة من الناحية الدينية مذهباً دينياً جديداً، دعا إليه الحاخام ساباتاي زيفي، أما المفهوم السياسي لهذه الكلمة فإنه يعني اليهود المسلمين الذين لهم كيانهم الخاص، وقد أطلق المعنى الخاص بالدونمة منذ القرن السابع عشر على اليهود الذين يعيشون في المدن الاسلامية وخاصة في ولاية سلانيك وأطلق العثمانيون اسم الدونمة على اليهود لغرض بيان وتوضيح العودة من اليهودية الى الاسلام ثم أصبح علماً على فئة من يهود الاندلس الذين لجؤوا الى الدولة العثمانية وتظاهروا باعتناق العقيدة الاسلامية.
شبتاي تسفي في عام 1665م
إن مؤسس فرقة الدونمة هو شبتاي زيفي الذي أدعى بأنه المسيح المنتظر في القرن السابع عشر، حيث انتشرت في تلك الايام شائعة تقول أن المسيح سيظهر في عام 1648م كي يقود اليهود في صورة المسيح وأنه سوف يحكم العالم في فلسطين ، ويجعل القدس عاصمة الدولة اليهودية المزعومة وكانت فكرة المسيح المنتظر ذائعة عندئذ في المجتمع اليهودي ، وكانت الأوساط اليهودية القديمة تؤمن بقرب ظهور هذا المسيح. ولذلك صادفت دعوة شبتاي تأييداً كبيراً بين يهود فلسطين ومصر وشرق أوروبا ، بل أيدها كثير من اليهود وأصحاب الأموال لأغراض سياسية ومالية،وذاع أمر شبتاي في أوروبا وبولندا وألمانيا وهولندا وإنكلترا وإيطاليا وشمال أفريقيا وغيرها.
موقع مدينة إزمير بمحافظة إزمير، تركيا.
وفي أزمير أخذ يلتقي بالوفود
اليهودية التي جاءت من أدرنة وصوفيا واليونان
وألمانيا، حيث قلدته هذه الوفود
تاج "ملك الملوك" ثم قام شبتاي بتقسيم
العالم
الى ثمانية وثلاثين جزءاً ،
وعين لكل منها ملكاً، اعتقاداً منه بأنه
سيحكم العالم كله من فلسطين،
حيث كان يقول في هذا المجال( أنا سليل
سليمان بن داود حاكم البشر
وأعتبر القدس قصراً لي( وبعد احداث طوال نُفي الي جزيرة
معزولة ومات فيها
إن شبتاي يعد أول يهودي بشر
بعودة بني اسرائيل الى
فلسطين ، وفي حقيقة الأمر، عدت حركة زيفي حركة سياسية ضد سلطة الدولة العثمانية أكبر من كونها
حركة دينية،لقد أسهمت هذه الطائفة في هدم
القيم الاسلامية في
المجتع العثماني وعملت على نشر الإلحاد والأفكار الغربية وانتشار الماسونية والدعوة لهتك حجاب
المرأة المسلمة واختلاطها مع
الرجال وخاصة في
المدارس وكان الكثير من رجال الاتحاد والترقي يساهم في بعض نشاطاتها
وأفراحها.
وقام يهود الدونمة بدور فعال في
نصرة القوى المعادية للسطان عبدالحميد
والتي تحركت من سلانيك لعزله
وهم الذين سمموا أفكار الضباط الشباب
ولايزالون حتى وقتنا الحاضر
يسعون لذلك ولهم صحف ودور نشر وتغلغلوا في
الاقتصاد العثماني وكل مناحي
الحياة في الدولة العثمانية،وقد استطاعوا أن يأثروا في
جمعية الاتحاد والترقي، وكان السلطان عبدالحميد
الثاني عارفاً بحقيقة الدونمة
ويؤكد هذه الحقيقة الجنرال جواد رفعت
أتلخان،
حيث يقول في هذا الصدد: )إن الشخص
الوحيد في تاريخ الترك جمعيه، الذي عرف
حقيقة الصهيونية والشبتائية
وأضرارهما على الترك والاسلام وخطرها
تماماً،
وكافح معهما مدة طويلة بصورة
جدية لتحديد شرورهم هو السلطان
التركي العظيم كافح هذه المنظمات الخطيرة لمدة ثلاث وثلاثين سنة بذكاء وعزم وبإرادة مدهشة
جداً كالأبطال(
وفي حقيقة الأمر، أهتم السلطان
عبدالحميد بإبقاء الدونمة في ولاية سالونيك ،
وعدم
وصولهم الى الاستانة، بغية عدم
السيطرة عليها والتجنب من تحركاتهم ،
ونتيجة
للموقف الجاد من السلطان
عبدالحميد إزاء فرقة الدونمة اتبعوا
إستراتيجية مضادة له، حيث تحركوا ضده على مستوى الرأي العام العثماني والجيش
أحد الرموز الماسونية
ونتيجة لموقف السلطان عبدالحميد من الدونمة، قام يهود الدونمة
بالتعاون مع المحافل الماسونية للإطاحة به، وقد استخدم هؤلاء شعارات معينة كالحرية والديمقراطية وإزاحة المستبد عبدالحميد، وعلى هذا الاساس قاموا
بنشر الشقاق
والتمرد في
الدولة العثمانية بين صفوف
الجيش . وكانت الغاية
من هذا هي تحقيق المشروع الاستيطاني الصهيوني باستيطان فلسطين. وكان يهود الدونمة يشلكون اللبنة الأولى لتنفيذ المخططات اليهودية
العالمية.
الابتزاز بقضية
الارمن
إزاء هذا الاخفاق قرر هرتزل أن يستخدم وسائل أخرى لاستمالة عبدالحميد الثاني، حيث
عرض نفسه عن طريق نيولنسكي خدمته بواسطة القضية الأرمنية وفي هذا الصدد يقول
هرتزل: (طلب مني السلطان أن أقوم بخدمة له، وهي أن أؤثر على الصحف
الأوروبية ، بغية قيام الأخيرة بالتحدث عن القضية الأرمنية بلهجة أقل عداء
للأتراك، أخبرت نيولنسكي حالاً باستعدادي للقيام بهذه المهمة، ولكني أكدت على
إعطائي فكرة وافية عن الوضع الأرمني : من هم الأشخاص في لندن
الذين يجب أن أقنعهم بما يريدون ، وأي الصحف يجب أن نستميلها لجهتنا وغير ذلك(
مذبحه الارمن.
وعلى هذا الأساس، فقد نشطت الدبلوماسية الصهيونية لاقناع الأرمن بالتخلي عن ثورتهم. ونتيجة لذلك فقد اتصل هرتزل مع سالزبوري والمسؤولين الانكليز بغية استخدامهم للضغط على الأرمن، كما نشط اليهود في مدن أوروبية اخرى مثل فرنسا للقيام بنفس الدور. إلا أن دبلوماسية هرتزل قد أخفقت بسبب عدم تحمس بريطانيا، لأن ذلك كان يعني تأييد سياسة عبدالحميد، الأمر الذي يؤدي في إثارة الرأي العام البريطاني ضد الحكومة.
وقد حاول هرتزل لقاء السلطان عبدالحميد الثاني ، ولاسيما أثناء الزيارة الثانية للامبراطور وليم الثاني الى القسطنطينية، إلا أن موظفي قصر يلدز منعوه من ذلك. واستمر هرتزل في محاولاته المستمرة حتى تكللت جهوده بالنجاح بعد سنتين (1899-1901م) من الاحتكاك المباشر مع الموظفين الكبار لقصر يلدز من مقابلة السلطان عبدالحميد، حيث قابل السلطان لمدة ساعتين وقد اقترح هرتزل قيام البنوك اليهودية الغنية في أوروبا بمساعدة الدولة العثمانية لقاء السماح
بالاستيطان في فلسطين، بالإضافة الى ذلك فإنه قد أكد للسلطان عبدالحميد أنه سوف يخفف الديون العامة للدولة العثمانية وذلك منذ عام 1881م ، وقد وعد هرتزل عبدالحميد أن يحتفظ بمناقشاته السرية معه.
كان السلطان عبدالحميد في خلال مقابلته مع هرتزل مستمعاً أكثر منه متكلماً وكا يرخي لهرتزل في الكلام كي يدفعه أن يتحدث بكل مايخطر في مخيلته من أفكار ومشروعات ومطالب. وقد أدى هذا الأمر الى أن يعتقد هرتزل بأنه نجح في مهمته هذه. ولكنه أدرك في نهاية الأمر بأنه قد أخفق مع عبدالحميد وأنه أخذ يسير في طريق مسدود معه.
وبعد إخفاق جهود هرتزل عند السلطان عبدالحميد الثاني، تحدث هرتزل قائلاً: )في حالة منح السلطان فلسطين لليهود ، سنأخذ على عاتقنا تنظيم الأوضاع المالية، اما في القارة الأوروبية فإننا سنقوم بإيجاد حصن منيع ضد آسيا، وسوف نبني حضارة ضد التخلف، كما سنبقي في جميع أنحاء أوروبا بغية ضمان وجودنا(
وفي الحقيقة كان السلطان عبدالحميد يرى أنه من الضروري عدم توطين اليهود في فلسطين ، كي يحتفظ العنصر العربي بتفوقه الطبيعي. وفي هذا الصدد يقول:
(ولكن لدينا عدد كافٍ من اليهود ، فإذا كنا نريد أن يبقى العنصر العربي متفوقاً، علينا أن نصرف النظر عن فكرة توطين المهاجرين في فلسطين وإلا فإن اليهود إذا استوطنوا أرضاً تملكوا كافة قدراتها خلال وقت قصير، ولذا نكون قد حكمنا على إخواننا في الدين بالموت المحتم(
وعلى الرغم ، من اخفاق جهود هرتزل عند السلطان عبدالحميد، كتب هرتزل قائلاً)يجب تملك الأرض بواسطة اليهود بطريقة تدريجية دون ماحاجة الى استخدام العنف، سنحاول أن نشجع الفقراء من السكان الأصليين على النزوح الى البلدان المجاورة بتأمين أعمال لهم هناك مع خطر تشغيلهم في بلدنا إن الاستيلاء على الأرض سيتم بواسطة العملاء السريين للشركة اليهودية التي تتولى بعد ذلك بيع الأرض لليهود. علاوة على ذلك تقوم الشركة اليهودية بالإشراف على التجارة في بيع العقارات وشرائها، على أن يقتصر بيعها على اليهود وحدهم(
وكتب هرتزل قائل(أقر على ضوء حديثي مع السلطان عبدالحميد الثاني أنه لايمكن الاستفادة من تركيا إلا إذا تغيرت حالتها السياسية أو عن طريق الزج بها في حروب تهزم فيها، إو عن طريق الزج بها في مشكلات دولية أو بالطريقتين معاً في آن واحد(
إن السلطان عبدالحميد كان يعرف أهداف الصهيونية، حيث قال في مذكراته السياسية: ( لن يستطيع رئيس الصهاينة هرتزل أن يقنعني بأفكاره وقد يكون قوله : ستحل المشكلة اليهودية يوم يقوي فيه اليهودي على قيادة محراثه بيده، صحيحاً في رأيه ، أنه يسعى لتأمين ارض لإخوانه اليهود، لكنه ينسى أن الذكاء ليس كافياً لحل جميع المشاكل .. لن يكتفي الصهاينة بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين بل يريدون أموراً مثل تشكيل حكومة وانتخاب ممثلين، إنني أدرك أطماعهم جيداً، لكن اليهود سطحيون في ظنهم أنني سأقبل بمحاولاتهم. وكما أنني أقدر في رعايانا من اليهود خدماتهم لدى الباب العالي فإني أعادي أمانيهم وأطماعهم في فلسطين(
وصول الحجاج الى القدس من المدينة المنوره بتاريخ 24-12-1914
وعن القدس يقول السلطان عبدالحميد الثاني: (لماذا نترك القدس ...إنها أرضنا في كل وقت وفي كل زمان وستبقى كذلك، فهي من مدننا المقدسة، وتقع في أرض إسلامية ، لابد أن تظل القدس لنا(
وشرع السلطان عبدالحميد في توجيه أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية لمتابعة اليهود وكتابة التقرير عنهم وأصدر إرادتين سنتين الأولى في 28 يونيو 1890م والأخرى في 7 يونيو 1890م. في الأولى (رفض قبول اليهود في الممالك الشاهسانية) والأخرى: (على مجلس الوزراء دراسة تفرعات المسألة واتخاذ قرار جدّي وحاسم في شأنها(
واتخذ السلطان عبدالحميد الثاني كل التدابير اللازمة في سبيل عدم بيع الأراضي الى اليهود في فلسطين ، وفي سبيل ذلك عمل جاهداً على عدم إعطاء أي امتياز لليهود من شأنه أن يؤدي الى تغلب اليهود على أرض فلسطين. ولابد في هذه الحالة أن تتكاتف جهود المنظمات الصهيونية بغية إبعاد السلطان عبدالحميد الثاني من الحكم. ويعزز هذا القول هرتزل عندما قال: (إني أفقد الأمل في تحقيق أماني اليهود في فلسطين، وإن اليهود لن يستطيعوا دخول الأرض الموعودة، مادام السلطان عبدالحميد قائماً في الحكم، مستمراً فيه(
وتحركت الصهيونية العالمية، لتدعم أعداء السلطان عبدالحميد الثاني ، وهم المتمردون الأرمن، والقوميون في البلقان، وحركة حزب الاتحاد والترقي، والوقوف مع كل حركة انفصالية عن الدولة العثماني
مذبحه الارمن.
وعلى هذا الأساس، فقد نشطت الدبلوماسية الصهيونية لاقناع الأرمن بالتخلي عن ثورتهم. ونتيجة لذلك فقد اتصل هرتزل مع سالزبوري والمسؤولين الانكليز بغية استخدامهم للضغط على الأرمن، كما نشط اليهود في مدن أوروبية اخرى مثل فرنسا للقيام بنفس الدور. إلا أن دبلوماسية هرتزل قد أخفقت بسبب عدم تحمس بريطانيا، لأن ذلك كان يعني تأييد سياسة عبدالحميد، الأمر الذي يؤدي في إثارة الرأي العام البريطاني ضد الحكومة.
وقد حاول هرتزل لقاء السلطان عبدالحميد الثاني ، ولاسيما أثناء الزيارة الثانية للامبراطور وليم الثاني الى القسطنطينية، إلا أن موظفي قصر يلدز منعوه من ذلك. واستمر هرتزل في محاولاته المستمرة حتى تكللت جهوده بالنجاح بعد سنتين (1899-1901م) من الاحتكاك المباشر مع الموظفين الكبار لقصر يلدز من مقابلة السلطان عبدالحميد، حيث قابل السلطان لمدة ساعتين وقد اقترح هرتزل قيام البنوك اليهودية الغنية في أوروبا بمساعدة الدولة العثمانية لقاء السماح
بالاستيطان في فلسطين، بالإضافة الى ذلك فإنه قد أكد للسلطان عبدالحميد أنه سوف يخفف الديون العامة للدولة العثمانية وذلك منذ عام 1881م ، وقد وعد هرتزل عبدالحميد أن يحتفظ بمناقشاته السرية معه.
كان السلطان عبدالحميد في خلال مقابلته مع هرتزل مستمعاً أكثر منه متكلماً وكا يرخي لهرتزل في الكلام كي يدفعه أن يتحدث بكل مايخطر في مخيلته من أفكار ومشروعات ومطالب. وقد أدى هذا الأمر الى أن يعتقد هرتزل بأنه نجح في مهمته هذه. ولكنه أدرك في نهاية الأمر بأنه قد أخفق مع عبدالحميد وأنه أخذ يسير في طريق مسدود معه.
وبعد إخفاق جهود هرتزل عند السلطان عبدالحميد الثاني، تحدث هرتزل قائلاً: )في حالة منح السلطان فلسطين لليهود ، سنأخذ على عاتقنا تنظيم الأوضاع المالية، اما في القارة الأوروبية فإننا سنقوم بإيجاد حصن منيع ضد آسيا، وسوف نبني حضارة ضد التخلف، كما سنبقي في جميع أنحاء أوروبا بغية ضمان وجودنا(
وفي الحقيقة كان السلطان عبدالحميد يرى أنه من الضروري عدم توطين اليهود في فلسطين ، كي يحتفظ العنصر العربي بتفوقه الطبيعي. وفي هذا الصدد يقول:
(ولكن لدينا عدد كافٍ من اليهود ، فإذا كنا نريد أن يبقى العنصر العربي متفوقاً، علينا أن نصرف النظر عن فكرة توطين المهاجرين في فلسطين وإلا فإن اليهود إذا استوطنوا أرضاً تملكوا كافة قدراتها خلال وقت قصير، ولذا نكون قد حكمنا على إخواننا في الدين بالموت المحتم(
وعلى الرغم ، من اخفاق جهود هرتزل عند السلطان عبدالحميد، كتب هرتزل قائلاً)يجب تملك الأرض بواسطة اليهود بطريقة تدريجية دون ماحاجة الى استخدام العنف، سنحاول أن نشجع الفقراء من السكان الأصليين على النزوح الى البلدان المجاورة بتأمين أعمال لهم هناك مع خطر تشغيلهم في بلدنا إن الاستيلاء على الأرض سيتم بواسطة العملاء السريين للشركة اليهودية التي تتولى بعد ذلك بيع الأرض لليهود. علاوة على ذلك تقوم الشركة اليهودية بالإشراف على التجارة في بيع العقارات وشرائها، على أن يقتصر بيعها على اليهود وحدهم(
وكتب هرتزل قائل(أقر على ضوء حديثي مع السلطان عبدالحميد الثاني أنه لايمكن الاستفادة من تركيا إلا إذا تغيرت حالتها السياسية أو عن طريق الزج بها في حروب تهزم فيها، إو عن طريق الزج بها في مشكلات دولية أو بالطريقتين معاً في آن واحد(
إن السلطان عبدالحميد كان يعرف أهداف الصهيونية، حيث قال في مذكراته السياسية: ( لن يستطيع رئيس الصهاينة هرتزل أن يقنعني بأفكاره وقد يكون قوله : ستحل المشكلة اليهودية يوم يقوي فيه اليهودي على قيادة محراثه بيده، صحيحاً في رأيه ، أنه يسعى لتأمين ارض لإخوانه اليهود، لكنه ينسى أن الذكاء ليس كافياً لحل جميع المشاكل .. لن يكتفي الصهاينة بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين بل يريدون أموراً مثل تشكيل حكومة وانتخاب ممثلين، إنني أدرك أطماعهم جيداً، لكن اليهود سطحيون في ظنهم أنني سأقبل بمحاولاتهم. وكما أنني أقدر في رعايانا من اليهود خدماتهم لدى الباب العالي فإني أعادي أمانيهم وأطماعهم في فلسطين(
وصول الحجاج الى القدس من المدينة المنوره بتاريخ 24-12-1914
وعن القدس يقول السلطان عبدالحميد الثاني: (لماذا نترك القدس ...إنها أرضنا في كل وقت وفي كل زمان وستبقى كذلك، فهي من مدننا المقدسة، وتقع في أرض إسلامية ، لابد أن تظل القدس لنا(
وشرع السلطان عبدالحميد في توجيه أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية لمتابعة اليهود وكتابة التقرير عنهم وأصدر إرادتين سنتين الأولى في 28 يونيو 1890م والأخرى في 7 يونيو 1890م. في الأولى (رفض قبول اليهود في الممالك الشاهسانية) والأخرى: (على مجلس الوزراء دراسة تفرعات المسألة واتخاذ قرار جدّي وحاسم في شأنها(
فرمان السلطان بمنع الهجرة اليهودية للأراضي الفلسطينية وحظرها، موقّع بتاريخ 13 أكتوبر 1901.
واتخذ السلطان عبدالحميد الثاني كل التدابير اللازمة في سبيل عدم بيع الأراضي الى اليهود في فلسطين ، وفي سبيل ذلك عمل جاهداً على عدم إعطاء أي امتياز لليهود من شأنه أن يؤدي الى تغلب اليهود على أرض فلسطين. ولابد في هذه الحالة أن تتكاتف جهود المنظمات الصهيونية بغية إبعاد السلطان عبدالحميد الثاني من الحكم. ويعزز هذا القول هرتزل عندما قال: (إني أفقد الأمل في تحقيق أماني اليهود في فلسطين، وإن اليهود لن يستطيعوا دخول الأرض الموعودة، مادام السلطان عبدالحميد قائماً في الحكم، مستمراً فيه(
وتحركت الصهيونية العالمية، لتدعم أعداء السلطان عبدالحميد الثاني ، وهم المتمردون الأرمن، والقوميون في البلقان، وحركة حزب الاتحاد والترقي، والوقوف مع كل حركة انفصالية عن الدولة العثماني
كرتون من مجلة پنش الساخرة
البريطانية عام 1896 الكاريكاتير يُظهر السلطان عبد الحميد
الثاني
وهو يطالع إلى ملصق جاء فيه:
دعوة للاكتتاب
إعادة تنظيم شركة
الدولة العثمانية
رأس المال 5,000,000 جنيه إسترليني
المديرون
روسيا وفرنسا وإنگلترة
إعادة تنظيم شركة
الدولة العثمانية
رأس المال 5,000,000 جنيه إسترليني
المديرون
روسيا وفرنسا وإنگلترة
ثم يقول التعليق أسفل الرسم
تركيا المحدودة
السلطان بسم الله أيجعلونني شركة
محدودة مم آه
أفترض أنهم سيسمحون لي أن أنضم لمجلس الإدارة بعد توزيع الحصة
جمعية الاتحاد والترقي
زعماء جمعية الاتحاد والترقي.
يبقى لكل متأمل؛ كيف صارع السلطان عبد الحميد قوى الشر التي اتحدت ضده وأسقطت حكمه، وأن يستوعب الدور الذي قامت به "جمعية الاتحاد والترقي الماسونية " مع الغرب الصليبي والصهيونية الماسونية في القضاء على آخر رمز للخلافة الإسلامية،وترجع جذور هذه الجمعية إلى الجالية اليهودية المهاجرة من الأندلس إلى مدينة سلانيك العثمانية منذ 1512، وعرفت ب (يهود الدونمة)، وفدت على تركيا ورحبت بهم الدولة آنذاك، واستقر بهم الحال في سلانيك، وزادت ثرواتهم، وقويت جاليتهم، ثم ظهر منهم يهودي اسمه (شبتاي)، ذهب إلى بيت المقدس وأعلن أن الأوان قد حان لعودة إسرائيل، ثم جاء إلى استنبول معلناً إسلامه، وأسلم معه جماعة عرفوا ب (الدونمة)، وقد سجل كثير من المؤرخين؛ أن إسلام هذه المجموعة لم يكن إلا لتحقيق غايتهم ومآربهم، ثم اشتد نفوذهم خلال حكم السلطان عبد الحميد، وأنشأ لهم (قرة صو) المحافل الماسونية في سلانيك ،والمعروف أن مدينة سلانيك كان بها خمس محافل ماسونية، تضم 50 ألف يهودي، وكان لها اتصال بجمعية الاتحاد والترقي، وتأثير في أنظمتها.
يقول الكاتب الغربي (بين هيس): "(الدونمة) كثيرون؛ منهم مدحت باشا حاكم ولاية الدانوب، الذي كان ابن حاخام هنغاري، وهو الذي أنشأ المدارس اليهودية في الشرق الأدنى، وكان قادة حزب الاتحاد والترقي من الدونمة، وكذلك أتاتورك، والدكتور ناظم، وفوزي، وطلعت، ونعوم أفندي، وغيرهم". فكانت جمعية الاتحاد والترقي، هي الأداة التي استخدمتها الدول الغربية والجمعية الصهيونية في تنفيذ المخطط الصليبي الصهيوني ضد الدولة العثمانية، ولقد اتخذ السلطان عبد الحميد موقف العداء لهم ولمخططاتهم، وكان موقفهم منه كذلك
مظاهرة لمؤيدي جمعية تركيا الفتاة في ناحية السلطان أحمد من الآستانة في سنة 1908.
الجامعة الطورانية
وكان في طيات حركة الاتحاد والترقي، تتخفى دعوة أشمل منها وأشد خطورة على الوحدة الإسلامية، ألا وهي (الجامعة الطورانية) التي قامت على إعلاء شأن الجنس التركي على غيره من الأجناس، وإن جذوره تنتهي عند الحضارة المغولية وجنكيز خان، وأنهم أمة أشد عراقة في التاريخ من العرب، ومن ثم يجب صهر جميع عناصر الدولة العثمانية في الجامعة الطورانية وتتريك العرب أنفسهم.
أنصار الجامعة الطورانية
كانت الجامعة الطورانية تهدف إلى خلع الجذور الإسلامية للدولة العثمانية وإعادة توثيقها بالحضارة المغولية، كما كانت تسعى إلى صناعة صراع بين شقي الدولة العرب والترك ،وذلك لأن جمعية الاتحاد والترقي دعت إلى تتريك عناصر، ومنهم العرب الذين حتماً لن يقبلوا هذه الدعوة، ومن ثمة ينشأ الصراع بينهم وبين الترك، مما ينتهي بانفصالهم وتمزيق الخلافة الإسلامية ،التي قامت على توحيد جميع المسلمين تحت راية الإسلام.
السلطان عبد الحميد يفتتح مجلس المبعوثان في 1908.
وقد غذى النفوذ الغربي اتجاة هؤلاء الدعاة المتطرفين، وأيدهم، ووجد فيهم من يحقق هدفه؛ من تمزيق هذا الكيان السياسي وتقسيمه، والسيطرة علية عن طريق الاحتلال، وقد أتاح هذا فعلاً للاستعمار، أن يحقق هدفه خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها، في السيطرة على وحدات العالم العربي وحكمها، ولذلك فقد أطلق بعض المؤرخين على حركة الدستور العثماني 1907، وسقوط عبد الحميد 1909ص، وتسلم الاتحاديين زمام السلطة اسم الثورة الصغرى، وأن قيام كمال أتاتورك بإلغاء الخلافة في عام 1924، هو الثورة الكبرى.
صورة السلطان عبد الحميد الثانى يتلقى خبر عزله.
مما سبق؛ يتبين قوة التحديات التي وقفت أمام جهود السلطان عبد الحميد وسعيه إلى حماية الدولة العثمانية وباقي البلاد الإسلامية، من خطر الاستعمار والأطماع الصهيونية والدسائس الماسونية، إلا أن تحالف قوى الشر كان أقوى من صمود عبد الحميد، ولن نجد دليلاً على صمود عبد الحميد وحده في قلب هذا الصراع، من اعترافات تيودور هرتزال التي سجلها في مذكراته، في رد السلطان عليه فيما يخص فلسطين: (بلغوا الدكتور هرتزل ألا يبذل بعد اليوم شيئاً من المحاولة في هذا الأمر (التوطن بفلسطين)، فإني لست مستعداً إلى أن أتخل عن شبر واحد من هذه البلاد ليذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي بل هي ملك شعبي الذي روى ترابها بدمائه، ولتحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب.
الوفود في المؤتمر الصهيوني الأول، الذي انعقد في بازل، سويسرا (1897)
التخلص من السلطان عبد الحميد الثاني
قاعة الكونشرتو في بازل حيث انعقد المؤتمراليهودي
لقد أدرك اليهود أن طريق السلطان محفوف بالخطر، إذن فليزول السلطان، ولتُفتح الطرق أمام أتباعهم الاتحاديون، ليصلوا إلى الحكم في تركيا، فيقول طه الولي: (كانت غاية اليهود؛ إزاحة السلطان عبد الحميد من طريقهم الموصل إلى فلسطين، ولذلك تمكنوا من رشوة بعض رجال الدين، ودفع الاتحاديين إلى الثورة عليه والتخلص نهائياً منه، تمهيداً للتخلص من الإسلام نفسه فيما بعد، فقام الجيش بحركته الحاسمة، متقدماً نحو يلدز، طالباً إزاحة العرش من تحت سيده الذي رفض النزول عند مغريات اليهود لتحقيق مطامعهم
محمود شوكت باشا على رأس الجيش الذي تحرك لعزل السلطان
وهكذا تطورت الأمور بسرعة، حتى تحرك الجيش الثالث العثماني في مقدونيا، وضخمت الصحافة الخاضعة للنفوذ الصهيوني هذا التحرك، وكأن الجيش العثماني بتمامه قد هب في وجه السلطان عبد الحميد، وأن هذه الانتفاضة نابعة من الشعب التركي، وأدى ذلك إلى نجاح حركة الجيش في 24 يوليو 1908، وخضوع السلطان عبد الحميد لمطلب الجيش، ثم إلى تنحيته تماماً عن العرش عام 1909، وكان الذي أبلغ السلطان قرار الخلع هو(قرة صو) عضو حزب الاتحاد والترقي، اليهودي، مؤسس محافل سلانيك الماسونية، وانتخب حاييم ناحوم؛ حاخاماً أكبر، عقب سقوط السلطان، واستطاع أن يحصل لليهود على عدة امتيازات في البلاد التي تتألف منها السلطة العثمانية.
الحاخام حاييم ناحوم ”افندي” ١٨٧٣-١٩٦٠
ويقول بعض المؤرخين: "إن الانقلاب العثماني، أمر بَيّتَ له يهود سلانيك منذ نصف قرن، حتى تم على أيدي متأسلمين كانوا يهوداً في الأصل، فأسلموا لأجل هذه الغاية، ولا ريب أن هذا الانقلاب قد أسلم زمام تركيا لليهود الماسون الدونمة،فقد أرسلت الحكومة التي تولاها كمال أتاتورك، الحاخام حاييم ناحوم، مندوباً لها إلى لاهاي، وأناطت به معالجة القضية التركية، فمهد السبيل إلى الصلح الذي أقرت فيه تركيا بالتنازل عن صبغتها الإسلامية، وعن اللغة العربية، والشريعة الإسلامية.
إيصال تبرع عثماني خاص بدعم خط سكة حديد الحجاز عام 1902 م في عهد السلطان العثماني عبدالحميد الثاني.
وفي مذكرات
السلطان عبد الحميد؛ يقول - رحمه الله - في رسالة كتبها بعد خلعه من الحكم، إلى شيخه "محمود أبو الشامات":
(أنني لم أتخل عن الخلافة الإسلامية لسبب
ما، سوى أنني بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد، المعروفة
باسم جون تورك، وتهديدهم، اضطررت وأُجبرت على ترك الخلافة، إن هؤلاء الاتحاديين قد أصروا علىّ بأن أصادق على تأسيس
وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة،
ورغم إصرارهم لم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف، وأخيراً وعدوا
بتقديم 150 مليون ليرة إنجليزية ذهباً، فرفضت هذا التكليف. لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين
سنة، فلم أُسَوّد صحائف المسلمين
آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء، وبعد جوابي القطعي اتفقوا
على خلعي وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى (سلانيك)، فقبلت هذا التكليف الأخير، وحمدت المولى وأحمده، أني لم أقبل أن ألطخ
الدولة العثمانية والعالم
الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة
رسالة من السلطان عبدالحميد الثاني الى شيخ الطريقة الشاذلية بدمشق محمود افندي ابو الشامات يوضح له فيها تعرضه لمضايقات من قبل جمعية الإتحاد والترقي التركية.
الرسالة الأصلية باللغة التركية
الخلاصة
إخواني وبني جلدتي لقد
أدرك خصوم السلطان عبد الحميد أنهم أمام
رجل قوي وعنيد، وأنه ليس من السهولة بمكان استمالته إلى صفها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه مادام على عرش الخلافة
فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تحقق
أطماعها في فلسطين، ولن يمكن للدول الأوروبية أن
تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة
دويلات لليهود والأرمن واليونان.
مصطفى كمال أتاتورك رئيس الجمهورية التركية مستقبلاً، إلى جانب بعض المقاومين الليبيين، أثناء الحرب العثمانية الإيطالية..
لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم،
فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي) والدعوة للقومية التركية (الطورانية)،
ولعب يهود الدونمة دورًا
رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان، التي انتهت
بعزله وخلعه من منصبه عام 1909 وتم تنصيب شقيقه محمد رشاد خلفاً له.
غضب السلطان الكبير عبد الحميد الثاني أمام المنظمات اليهودية حينما طلبوا منه السماح للاستيطان اليهودي في فلسطين,حيث سجنهم السلطان في سجن مجلس الرابطة.
وهكذا ظل
السلطان عبد الحميد، حجر عثرة في طريق ثالوث الشر الصليبي الصهيوني الماسوني، إلى أن تآزرت دسائس الحقد في الإجهاز
عليه، وكان - رحمه الله - قد
تولى الحكم والدولة مثخنة بجراحها، ولم تسعفه صيحة "يا مسلمي العالم اتحدوا"، لأن الاستعمار كان قد سبقه إلى احتلال
كبرى حواضر الإسلام، واستمر حال التردي
والتراجع، إلى أن تمكن الأعداء من ضرب حامية الخلافة العثمانية في مقتل، لتظل الأمة الإسلامية تنزف عليه من آلامها
دماً حتى تبرأ الجراح، وأنّى لها،
فرحم الله السلطان عبد الحميد، الذي ظل وفياً لأمته إلى آخر الرمق،
وقد وافاه الأجل 10 شباط عام 1918.
كمال أتاتورك
(2) كمال أتاتورك والقضاء على الخلافة الإسلامية:
مصطفى كمال أتاتورك هو مصطفى علي رضا أثار الجدل في القرن العشرين حين
ظهر كمنقذ لتركيا
بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ووقوعها تحت الاحتلال فاعتبره
البعض حينها بطلا قومياً وظنوا أنه سيعيد أمجاد الإسلام ولكن
سرعان ما ظهرت حقيقته وعداؤه للإسلام حين اعتلى السلطة وألغى الخلافة الإسلامية وأنهى حكم السلاطين العثمانيين لتركيا
والعالم الإسلامي، وقذف بتركيا في أتون التغريب والعلمانية الكافرة الملحدة
وحارب الإسلام ومظاهره بشدة بعد أن اتهم
الإسلام بأنه سبب هزيمة وتخلف تركيا.
خلع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني نيسان 1909.
يعتبر هذا الرجل الابن النجيب للحركة الماسونية الهدامة و ينتمي هذا الرجل إلى يهود الدونمة وهم جماعة من اليهود المهاجرين من أسبانيا - تحديدا الأندلس إلي تركيا ، بعد اضطهادهم وطردهم بسبب محاكم التفتيش ، وقد
فتحت الدولة العثمانية أبوابها لهم ليستقرو بمدينة اسطنبول و مدينة سلانيك اليونانية والتي كانت تابعة للدولة العثمانية " نظرا لأنهم كانوا من رعايا الدول الإسلامية المنهزمة في الأندلس " ... لاحقا أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية للكيد بالمسلمين، وأسهموا في تقويض الدولة العثمانية
وإلغاء الخلافة عن طريق انقلاب جماعة الاتحاد والترقي..ولا يزالون إلى
الآن يكيدوا للإسلام، لهم براعة في
مجالات الاقتصاد
والثقافة والإعلام؛ لأنها هي وسائل السيطرة على
المجتمعات
سلاطين الامبراطورية العثمانية
لقد كانت المعركة التي أكسبت مصطفى كمال البطولة والشهرة كقائد عسكري هي معركة أزمير التي ادعى أنه قادها و كسبها
بينما كل الوثائق تدل على أن شخصا
آخر هو الذي كان بطل هذه المعركة و لكن أتاتورك أقصاه ، وهو " كاظم
قرة بكير" قائد الجبهة الشرقية في حرب الاستقلال و هو الذي قضى على الجيش الأرمني و جرده من سلاحه كما كان هو صاحب
الفكرة الأولى في تأسيس حكومة قومية في
شرقي الأناضول و مقاومة الحلفاء بالسلاح ، و أنه أول من باشر
العمل في هذا السبيل حين كان الغازي مصطفى كمال لم يزل في استانبول.
و قال كاظم قرة
بكير إن أتاتورك لم يذهب إلى الأناضول باختياره ورضائه بل إن خصومه
السياسيين في استانبول هم الذين أرسلوه بوظيفة مفتش حبشي إبعادا له وأن كاظم هو الذي لعب الدور الأهم و الذي نتج عنه الانتصار
النهائي الذي نسبه أتاتورك لنفسه.
ففي سنة 1340هـ - 1921م انسحب
اليونان بعد حرب ضروس من أزمير التركية ودخلها العثمانيون.
لم يكن هذا الحدث حدثاً عادياً في تاريخ الدولة الإسلامية، إذ أظهر شخصية سيكون لها الدور الأكبر في هدم الخلافة
الإسلامية، ألا وهي شخصية مصطفى
كمال أتاتورك (1880م – 1938م). فقد ضخّمت الدعاية الغربية بعامة،
والإنجليزية بخاصة، الانتصارات المزعومة لأتاتورك، فانخدع به ملايين المسلمين، وتعلّقت به أمالهم لإصلاح أمر الخلافة
وإعادة مهابتها، حتى إن الشاعر أحمد
شوقي وصفه في قصيدة من قصائده بأنّه "خالد الترك" فجعله شبيهاً "بخالد العرب"، وهو سيف الله المسلول خالد بن الوليد (رضي الله عنه) فقال:
الله أكبرُ كم في الفتحِ من عجبِ يا خالدَ
التُّركِ جَدِّدْ خـالدَ العربِِ
عاد أتاتورك بعد هذا النصر إلى أنقرة حيث كرّمه "المجلس الوطني الكبير" وخلع عليه رتبة "غازي"، واشتهر عند الناس، وغمرته برقيات الإكبار والتشريف من شتى البلاد الإسلامية، من أفغانستان والهند ومصر وغير ذلك. ثمّ بعد هذا التكريم، انتخبه "المجلس الوطني الكبير" رئيساً شرعياً للحكومة
عصمت إينونو
باشا
وفي سنة 1922م أرسل أتاتورك عصمت إينونو
باشا إلى إنجلترا لمفاوضة الإنجليز على الاستقلال.
فقال السفير البريطاني (كرزون) لعصمت إينونو باشا عند عقد مؤتمر
الصلح في نوفمبر 1922م لما طالبه بمنح الاستقلال لتركيا: "إننا لا نستطيع أن ندعكم مستقلين؛ لأنكم ستكونون حينئذ نواة
يتجمع حولها المسلمون مرة أخرى،
فتعود المسألة الشرقية التي عانينا منها طويلا". فما كان من أتاتورك إلا أن تعهد للإنجليز بأن يزيل مخاوفهم،
وأبلغهم بالموافقة على أي شروط يضعونها
كضمانات تزيل تلك المخاوف، فاشترطوا عليه في اجتماع عقد في إبريل
1923م أربعة شروط على لسان السفير البريطاني كرزون، عرفت بعد ذلك بشروط كرزون، وهي:
·
أن تقطع تركيا صلتها بالإسلام.
·
أن تقوم بإلغاء الخلافة.
·
أن تتعهد بالقضاء على كل حركة
يمكن أن تقوم لإحياء الخلافة.
·
أن تحل القوانين الوضعية محل
الشريعة الإسلامية، وتضع لنفسها دستوراً علمانياً
مدنياً بدلاً من الدستور العثماني المستمد من قواعد الإسلام
الوفدان التركي والإيطالي خلال التوقيع على معاهدة لوزان. من اليمين إلى اليسار جلوساً جوسبي فولبي، رومبي أوغلو فخر الدين، غويدو فوزيناتو، محمد نابي بك، بيترو بيرتوليني..jpg
وبموافقة أتاتورك على تلك الشروط عقدت
اتفاقية (لوزان) وتركت له إنجلترا كل الأراضي التي
كانت قد سلبت من العثمانيين ليظهروه بمظهر البطل صاحب الإنجازات
والاستقلال.
ونفذ أتاتورك ما
أملته عليه بريطانيا، واختارت تركيا دستور سويسرا المدني، وفي نوفمبر 1922م نجح في إلغاء السلطنة، وفصلها عن
الخلافة، وبذلك لم يعد الخليفة يتمتع
بسلطات دنيوية أو روحية، وفرض أتاتورك آراءه بالإرهاب رغم المعارضة
العلنية له، فنشر أجواء من الرعب والاضطهاد لمعارضيه، واستغل أزمة وزارية أسندت خلالها الجمعية الوطنية له تشكيل
الحكومة ، فاستغل ذلك وجعل نفسه أول رئيس
للجمهورية التركية في أكتوبر 1923م وأصبح سيد الموقف في البلاد.
السلطان محمد الخامس الذي خلف أخيه عبد الحميد الثاني
وفي 3 مارس 1924م ألغى أتاتورك الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم
الشرعية، وحوّل المدارس الدينية إلى
مدنية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية، وأغلق كثيرًا من المساجد، وحوّل مسجد آيا صوفيا الشهير إلى كنيسة، وجعل الأذان
باللغة التركية، واستخدم
الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلاً من الأبجدية العربية ، لدرجة استخدام الحروف
اللاتينية في طبع المصحف الشريف وخرج في قوانين
الأحوال الشخصية على القواعد الإسلامية فألغى تعدد الزوجات و جعل للقضاء وحده الفصل في طلب الطلاق وعدل قوانين
الميراث فسوي بين الابن والبنت وألغى
الحجاب و أباح للمرأة المسلمة أن تتزوج من تشاء من أي دين مسيحي
أو يهودي ، كما شجع الخمر و الاتصال بالنساء و إخراج المرأة بالقوة إلى المراقص و حطم الأساس الديني وغير وجهة الشعب
التركي.
كشرط لتحديث أحوال تركيامصطفى كمال، أتاتورك، مع السيجارة، يشرف على شرح للأحرف اللاتنية التي فرضها لكتابة اللغة التركية وتحديث المجتمع التركي.
باختصار أصبحت أساسيات الدولة التركية منبثقة من المبادئ التالية
· إلغاء تعدد الزوجات
· بإمكان التركية الزواج من يهودي أو مسيحي
· تخويل كل شخص بالغ الحق في تغيير عقيدته
·
أجهزة مدنية لتسجيل الزواج
قانونيا فقط
· محاربة الحجاب
·
محاربة الأزياء القديمة للرجال و
فرض الملابس الأوروبية والقبعات
·
منع أئمة المساجد من ارتداء
العباءة خارج المسجد
·
تحويل المساجد إلى أغراض دينية و
متاحف
· جعل الإجازة يوم الأحد بدلا من يوم الجمعة
· إبطال كتابة التركية بالأحرف العربية و استعمال الأحرف اللاتينية
·
إلغاء منصب شيخ الإسلام ووزارة
الأوقاف والمؤسسات الخيرية وإنشاء إدارتين جديدتين أحدهما
للمؤسسات الدينية والأخرى للمؤسسات الخيرية
· إلغاء التعليم الديني من جميع المراحل
جامع آيا صوفيا.
إن من أفضح الأ خطاء الشنيعة التي قام بها مصطفى كمال أتاتورك1- إلغاء للخلافة الإسلامية وفصل الدين عن الدولة
2- إلغاء الشريعة الإسلامية من المؤسسة التشريعية
3 - شنّ حملة تصفية شملت العديد من رموز الدين والمحافظين بادعاء مشاركتهم في محاولة اغتياله.
4 - استخدام الحروف اللاتينية
بدلا من العربية في كتابة اللغة التركية عام 1928
5- أغلق كثيرًا من المساجد ، وحول
مسجد آيا صوفيا الشهير الذي كان في الأصل كنيسة إلى متحف
6- ألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم
الشرعية.
7- التقويم الغربي بدلا من الهجري
و الوقت تم تبنيهما عام 1925
وكانت هذه الإجراءات
المتتابعة منذ إسقاط الخلافة تهدف إلى قطع صلة تركيا بالعالم
الإسلامي بل وصلتها بالإسلام، ولم يقبل المسلمون قرار أتاتورك بإلغاء الخلافة؛ حيث قامت المظاهرات العنيفة التي
تنادي ببقاء هذا الرباط الروحي بين
المسلمين، لكن دون جدوى.وهكذا نجحت
أحقاد الغرب في إلغاء الخلافة الإسلامية التي لم تنقطع منذ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -
توفي مصطفى كمال في نوفمبر 1938 ، لكنه يظل احد اكبر الأدوات التي استعملها الغرب لهدم الإسلام ، فقد عولت بريطانيا عليه للعب هذا الدور ببراعة وقد فعل وكان البريطانيون يعلمون أن يهود الدونمة في سلانيك هم الجاهزون للقضاء على الخلافة الإسلامية وبالتالي للقضاء على الإسلام ، وهو ما تم فعلا ، وكان توصيل مصطفى كمال إلى الحكم هو الثمن الذي قدمه له الإنجليز مقابل قضائه على دولة الخلافة و أحكام الإسلام في تركيا لتحل محلها الأنظمة والأحكام الغربية واستبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية لإبعاد الأتراك عن كل ما له صلة بالعرب أي لإبعادهم عن الإسلام.
فلقد كان أتاتورك آلة من آلات التدمير التي صنعها الغرب
لحسابه ، وكان لعبة من تلك اللعب التي
تجيد الجمعيات السرية تشغيلها لحساب الصليبية و الصهيونية وقد نشأ وعاش في أحضان جمعية الاتحاد والترقي التي لعبت
أخطر الأدوار لتدمير دولة الخلافة الإسلامية.
ولكن .. رغم كل هذا التعسف العلماني .. والإرهاب
الذي استخدمه أتاتورك وأحفاده علي مر التاريخ لنزع الشعب التركي من هويته الإسلامية فإن هذا الشعب لم يستسلم .. وظل
محتفظا بنقاء عقيدته الإسلامية ..
وأغلب الظن أنه لن يستسلم للفقاقيع العلمانية التي تطفو علي السطح
رافعة صور الجد الأكبر أتاتورك .. بينما تترنح أركان العلمانية في تركيا علي أرض الواقع
(3)
الموقف العربي والإسلامي من إلغاء الخلافة:
إنّه لمن المؤسف حقّا أن نقول: إن ردّة فعل العالم الإسلامي لم تكن في مستوى ذاك الحدث العظيم والخطب الجسيم. فبين أيدينا
اليوم حقائق تاريخية تكشف لنا عن
واقع مرير هو تخاذل أغلب المسلمين في القيام بواجبهم المناط بهم،
ألا وهو منابذة من ألغى الخلافة وحكم بالكفر الصراح. وهذه
بعض الأمور التي توضّح حالة العالم الإسلامي قبيل إلغاء الخلافة وبعدها بقليل، وهي تكشف عن مدى التخبّط الذي كان فيه
العالم الإسلامي، ومدى عدم وعي
المسلمين بحقيقة المشكلة:
(أ) موافق
مخزية
- سبق إلغاء السلطنة وفصلها عن
الخلافة دراسة أعدّها جمع من الفقهاء الأتراك تحت
عنوان "الخلافة وسلطة الأمة" تضمّنت القول بأن الخلافة مسألة سياسية ولا علاقة لها بالدين، ونصحت الدراسة بتأجيل
البحث فيها أو تحويلها إلى مجرد سلطة
روحية. وهو ما اعتمد عليه كمال أتاتورك في تبرير موقفه من الخلافة
أحمد الشريف السنوسي مجاهد وزعيم وطني ليبي من الأسرة السنوسية..
- أيّد
زعيم الحركة السنوسية (الشيخ أحمد الشريف السنوسي) كمال أتاتورك، وأقرّ الفصل بين السلطنة والخلافة بحجة أن الفصل في
مصلحة الإسلام. وفي 28/9/1923م
نشر في جريدة الأهرام المصرية بياناً ذهب فيه إلى أن نزع السلطة المدنية من يد الخليفة سيعزز نفوذه الإسلامي؛ لأنه
سيصبح زعيماً عاماً وروحياً للأمة
كلها!
-كتب
الشاعر أحمد شوقي، أشعر الشعراء في تلك الفترة، قصيدة في تبجيل أتاتورك سماها (تكليل أنقرة وعزل الآستانة)، مدح
فيها أتاتورك وأقرّ عزل السلطنة عن
الخلافة
-اغتر
شيخ الإسلام ومفتي الدولة العثمانية مصطفى صبري بدعوى الإصلاح التي نادى بها الكماليون، فأقرّ عزل الخليفة عبد الحميد
في مجلس "المبعوثان"، ثمّ لما تبيّن حقيقة الأمر بعد فوات الأوان قال:
«أيدتُ خلع السلطان عبد الحميد، وبعد ستة أشهر تبين لي أن ثقله السياسي كان
يساوي ثقل أعضاء مجلس المبعوثان جميعاً
-عارض
عبد الكريم الخطابي (1881 - 1962م) قائد الجهاد ضد الأسبان والفرنسيين
في المغرب الدعوة لإعادة الخلافة بعد إلغائها، وكانت تعليمات الخطابي
لمندوبه في مؤتمر إعادة الخلافة ألا يؤيد أي مرشح لها
- كتب عبد الحميد بن باديس
(1889م-1940م) زعيم الحركة الإسلامية في الجزائر مقالاً
بعنوان: «الفاجعة الكبرى أو جنايات الكماليين على الإسلام والمسلمين
ومروقهم من الدين» نشرته جريدة النجاح عدد 152 بتاريخ 28 مارس 1924م، بيّن فيه حسرته على ما آلت إليه الأوضاع، وأن
الأمل منصب على مؤتمر الخلافة في
مصر. إلا أنّ الشيخ باديس عاد وعدل موقفه
من الخلافة وأتاتورك في مقال
له نشر في غرة رمضان 1357 هـ، نوفمبر 1938م، تحت عنوان: "مصطفى
كمال رحمه الله "، ومما جاء فيه: «في السابع عشر من رمضان المعظم ختمت أنفاس أعظم رجل عرفته البشرية في التاريخ
الحديث، عبقري من أعظم عباقرة الشرق،
الذين يطلعون على العالم في مختلف الأحقاب فيحولون مجرى التاريخ
ويخلقونه خلقاً جديداً، ذلك هو مصطفى كمال بطل غاليبولي في الدردنيل،
وبطل سقاريا في الأناضول، وباعث تركيا من شبه الموت إلى حيث هي اليوم من الغنى والعز والسمو... لقد ثار مصطفى كمال
حقيقة ثورة جامحة، ولكنه لم يثر
على الإسلام وإنما على هؤلاء الذين يسمون بالمسلمين، فألغى الخلافة
الزائفة، وقطع يد أولئك العلماء عن الحكم، فرفض مجلة الأحكام واقتلع
شجرة زقوم الطرقية من جذورها، وقال للأمم الإسلامية عليكم أنفسكم، وعلي نفسي، لا خير لي في الاتصال بكم مادمتم على ما أنتم
عليه... نعم إن مصطفى أتاتورك
نزع عن الأتراك الأحكام الشرعية وليس مسئولا في ذلك وحده، وفي
إمكانهم أن يسترجعوها متى شاءوا وكيفما شاءوا، ولكنه أرجع لهم حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وعظمتهم بين أمم الأرض، وذلك ما
لا يسهل استرجاعه لو ضاع، وهو وحده
كان مبعثه ومصدره، ثم إخوانه المخلصون.
-وفي سنة 1926م أصدر علي عبد
الرازق في مصر كتاب "الإسلام وأصول الحكم" يبرّر
فيه العلمانية ويقول بفصل الدين عن الدولة، وإن الإسلام لا يشمل نظم الحكم
- وفي مصر ظهرت دعوة من خلال
الأزهر لعقد مؤتمر إسلامي عام لمناقشة مسألة الخلافة
الإسلامية، وكان وراء هذه الدعوة الملك فؤاد الذي أبدى رغبته في أن يصبح خليفة. وعقد المؤتمر في التاسع عشر من شعبان
سنة 1343هـ الموافق 25/3/1924م
أي بعد أيام من إعلان هدم الخلافة المشئوم، وكانت أهم مقرّراته هي:
أولاً: "بيَّن أن ذلك
الفعل من المجلس الوطني التركي (بدعة) ما كان المسلمون
يعرفونها من قبل، لكن التقرير نبه على أن خلافة عبد المجيد على هذا الشكل ليست شرعية، وأن البيعة له بشرط أن
يكون معزولاً عن السياسة لم تكن صحيحة
أصلاً، وحتى لو كانت صحيحة فإن عبد المجيد لم يكن يملك النفوذ والقوة المشترطة فيمن يتولى الخلافة، لهذا فإنه ليست
له بيعة في أعناق المسلمين لزوال
المقصود من تنصيبه شرعاً، واعتبر التقرير أنه (ليس من الحكمة
ولا مما يلائم شرف الإسلام والمسلمين أن ينادوا ببقاء بيعة في أعناقهم لشخص لا يملك الإقامة في بلده، ولا يملكون
هم تمكينه منه
ثانياً: خلص المؤتمر الذي شارك فيه علماء الأمة إلى "أنّ العالم
الإسلامي أصبح في أزمة
بسبب الضجة التي أحدثها الكماليون في تركيا بإلغائهم منصب الخلافة،
وجعلوا هذا الاضطراب سبباً في أن (لا يتمكن المسلمون معه من البت في تكوين رأي ناضج في مسألة الخلافة، ولا في من يصح
أن يكون خليفة لهم،ومن أجل هذا
دعا مؤتمر الأزهر إلى عقد مؤتمر أوسع،
لهذه الأسباب نرى أنه لا بد من عقد
مؤتمر ديني إسلامي يُدعى إليه ممثلو جميع الأمم الإسلامية للبت
فيما يجب أن تسند إليه الخلافة الإسلامية، وتكون بمدينة القاهرة، تحت رئاسة شيخ الإسلام بالديار المصرية، على أن يعقد في
شهر شعبان من 1343هـ ـ مارس 1925م) أي
بعد مرور عام كامل من المؤتمر الأول!".
ولم ينسَ المؤتمرون قبل أن يطووا أوراقهم أن يوجهوا الشكر للأمم غير الإسلامية (الكافرة) التي "راعت" ظروف
المسلمين في هذا الظرف العصيب، فلم تتدخل في
شؤونهم: (نعلن شكرنا للأمم التي تدين بأديان أخرى غير الدين الإسلامي،
ولدول تلك الأمم على ما أظهروه إلى الآن من ابتعادهم عن التدخل في شؤون الخلافة الإسلامية، ونرجو منهم أن يلاحظوا
أن مسألة الخلافة مسألة إسلامية محضة
لا يجوز أن تتعدى دائرتها، ولا يهتم بها أحد من غير أهلها.
وعندما حان وقت انعقاد المؤتمر الثاني (1925م) المتمخَّض عن المؤتمر
الأوّل (1924م) طفت
الخلافات على السطح وادّعى كلّ من الحضور لنفسه الخلافة، فطالب
بها الملك فؤاد، وطالب بها الشريف حسين، وطالب بها الملك عبد العزيز بن سعود، بل دبّ الخلاف حول شكل الخلافة ومضمونها
وهل تحتاج إلى تعديل أم لا. وتمخّض
الجبل فولد فأراً، وتمّ تأجيل المؤتمر إلى السنة القادمة (1926م)
الذي فشل بدوره في معالجة المشكلة
- رفض بديع
الزمان سعيد النورسي (1876م-1960م) تقديم المساعدة للشيخ سعيد بيران في حربه لإعادة الخلافة سنة 1925م. وعندما
جاءه حسين باشا مندوب الشيخ سعيد
بيران يدعوه إلى المشاركة في الثورة ضد سياسة مصطفى كمال أتاتورك
العلمانية ولإعادة الخلافة وتطبيق الشريعة قال له النورسي في حواره:
ومن ستحارب
· قال حسين باشا: سنحارب مصطفى كمال؟!
· قال سعيد النورسي: ومن هم جنود مصطفى كمال؟!
· قال حسين باشا: إنهم جنود!
· قال سعيد النورسي: إن جنوده أبناء هذا الوطن، هم أقرباؤك وأقربائي،
فمنْ نقتل؟! ومنْ سيقتلون؟! فكر
.. وافهم. إنك تريد أن يقتل الأخ أخاه.!
.ثم أرسل النورسي رسالة إلي الشيخ بيران
جاء فيها: «إن ما تقومون به من ثورة تدفع الأخ لقتل
أخيه ولا تحقق أية نتيجة، فالأمة التركية قد رفعت راية الإسلام،
وضحت في سبيل دينها مئات الألوف بل الملايين من الشهداء، فضلاً عن تربيتها ملايين الأولياء، لذا لا يُستل السيف على
أحفاد الأمة البطلة المضحية
للإسلام، الأمة التركية، وأنا أيضًا لا أستلُه عليهم.
هذه بعض الأمور التي تثبت مدى تخبّط الأمة في تلك الفترة، وفشلها في
معالجة الأزمة بل المصيبة العظمى والطامة الكبرى التي حلّت بها.
(ب) مواقف مشرفة
رغم حالة التّخبط التي شهدتها الأمة الإسلامية قبيل هدم الخلافة
وبعدها، فقد كان فيها
من الرجال من انبرى للدفاع عن الخلافة والانتصار لها بالقلم والسيف.
- فمن الرجال
الذين ساندوا الخلافة الشيخ محمد الخضر حسين (1876م-1958م) حيث وقف قلمه ولسانه إلى جانب الدولة العثمانية، وظلّ
وفيا لها إلى أخر لحظة،ولما
أصدر علي عبد الرازق (1926م) كتاب "الإسلام وأصول الحكم" نهض الشيخ لتفنيد دعاوى هذا الكتاب فأصدر كتابه: "نقض
كتاب الإسلام وأصول الحكم".
- ومن الرجال
أيضا الشيخ مصطفى صبري (1869 ـ 1954م) آخر شيوخ الإسلام المفتين في الدولة العثمانية الذي أصدر كتاباً بعنوان: (الرد
على منكري النعمة من الدين والخلافة
والأمة) فكان صوت صدق وحقّ في وجه أعداء الخلافة، كشف أتاتورك
بعد أن خدعه وبيّن خبثه، كما كشف المؤامرات التي كانت تحاك ضدّ الدولة.
- إلا أنّ الرجل
الذي يستحقّ كلّ التبجيل والتكريم، هو الرجل الذي حمل سيفه في
وجه أتاتورك ومن لفّ لفّه، وقاتل من أجل إعادة الخلافة، ألا وهو الشيخ سعيد بيران رحمه الله تعالى.
جورج كرزون
لقد ضاعت الخلافة فضاعت تركيا فغرق العرب
والمسلمون أكثر في الضياع، وتكفي تلك الكلمات التي نطق بها كريزون وزير خارجية
بريطانيا حينما وجه له بعض أعضاء المعارضة في مجلس العموم البريطاني نقداً يتمثل
في خوفهم من أن تجمع تركيا الدول من حولها وتعاود الهجوم على الغرب فكان رده
عليهم:
لقد قضينا
على تركيا التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في
أمرين: الإسلام والخلافة.