السبت، 5 يناير 2013

ثامنا: سيطرة الصهيونية على مراكز صنع القرار العالمي: الصهيونية: الفصل السادس: بني صهيون



الفصل السادس: بني صهيون 
الصهيونية:
ثامنا: سيطرة الصهيونية على مراكز صنع القرار العالمي.
علينا أن نُدرك بعض الحقائق ثابتة ولابد أن نضعها في الاعتبار ونحن نتعرض لكيفية سيطرة اليهود على مراكز صُنع القرار الدولي، تلك الحقائق التي لا تٌشكل الفكر اليهودي فحسب بل في العقيدة اليهودية، ومن تلك الحقائق:
- أن اليهود شعب الله المختار المفضل على غيره من الشعوب، والتي قد لا ترقى من وجهة نظر اليهودي لمستوى الحيوان، يُطلق عليها الجوييم، ومن ثمة تكون تلك الشعوب بمثابة العبيد، وهو سيدها المطلق.
- أن أرض فلسطين حق مكتسب كمنحة لا ترد ولا تُستبدل منحها لهم إلههم الذي يعبدون، وأنه لا حق يٌقابل تلك المنحة وذلك الوعد الممنوح لهم من إلههم.
-  أن لليهود الحق المطلق والكامل في حكم وتسيد العالم، فهم السادة فكيف بهم يرضوا أن يعبث بمقدرات العالم بعض العبيد، الذين هم في الحقيقة عبيد لليهود، كما يزعمون.
وبناء على تلك الحقائق التي تتشكل منها عقيدة اليهود، فقد اعتمدوا على توراتهم المزيفة، وتلمودهم المسموم، وبروتوكولات حكمائهم الهدامة في وضع خطة محكمة التنفيذ( تعتمد على كل ما هو غير أخلاقي حسب مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة)  تصل بهم في نهاية المطاف إلى حكم وتسيد العالم، على أن يمر ذلك بعدة مراحل هي:
المرحلة الأولى: وفيها يتم قيام وتجميع أكبر قدر من اليهود على أرض الشتات أو الميعاد وإقامة دولة إسرائيل الصغرى على تلك الأرض، وهذا ما تحقق لهم عام 1948 وأقاموا دولتهم على أرض فلسطين 
تصور هيرتزل لخارطة إسرائيل الكبرى والتي على كافة يهود العالم السعي للوصول إليها.
المرحلة الثانية: وفيها يتم إقامة دولة إسرائيل الكبرى والتي تمتد من النيل إلى الفرات، وهي المرحلة التي هم بصدد تنفيذها على أرض الواقع بعد أن قطعوا شوطا طويلا في طريق الوصول إلى هدفهم من خلال تدمير العراق، وتقسيمه ووضعه على أبواب الحرب الأهلية، وذلك بفضل مساعدة الغرب الصليبي ( أوربا وأمريكا) يُضاف إليهم الأغبياء من حكام عالمنا العربي، أضف إلى ذلك ما تم من تقسيم للسودان، وما يحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن ثم السعودية في نهاية المطاف.
- المرحلة الثالثة: وفيها إقامة حكم إسرائيل للعالم من خلال اقتلاع البابا الكاثوليكي الحليف القديم لهم من على كرسي البابوية في روما وجلوس ملكهم المنتظر أو مشياحهم المنتظر من نسل الملك داود – عليه السلام – ليحكم العالم الذي سيخضع لسلطان بني يهود.
طريق طويل رسمه اليهود لأنفسهم سعوا ويسعون ولا زالوا لتحقيقه مستخدمين كل دروب الغدر والخيانة والوحشية لتحقيق هدفهم، فالصديق لديهم صديق حتى يُحقق الهدف منه، فإذا تحقق الهدف صار الصديق عدوا، فهم يُصادقون الغرب الصليبي (أوربا والولايات المتحدة الأمريكية) الذي يُساندهم في كل أمرهم فإذا ما وصلوا إلى هدفهم فهم أول منْ سيطعن الغرب الصليبي في البطن والظهر والوجه ما دام حقق الهدف منه فعن قريب سُنصبح فلا نجد الولايات المتحدة الأمريكية بفضل انهيار اقتصادها الذي يُحكم اليهود الخناق حوله، ومع انهيار أمريكا سينهار العالم الذي ربط اقتصاده بدولار أمريكا أما الذهب وغيره ففي يد اليهود وحدهم.  
لقد عمد اليهود إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تُمكنهم من السيطرة على القرار الدولي ومن تلك الإجراءات ما يلي:

(1)          ادعاء الإيمان بالأديان الأخرى لهدمها من الداخل:
قال تعالى: موجها خطابه ليهود بني إسرائيل، آمرا لهم، ومذكرا إياهم بنعمه عليهم:
{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ }{ وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ }{ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ } (1)

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(2)
ونظرا لعدم انصياع اليهود لأوامر الله، وعدم استجابتهم لنصائحه لهم على لسان أنبيائه ورسله، بل وقتلهم أنبياء الله ورسله، ضرب الله عليهم والمسكنة، وسلط عليهم من عدوهم من أذاقهم ويلات الذٌل والعذاب، فذاقوا العذاب، ومرارة الاستعباد على يد حكام مصر من الفراعنة، ثم ذاقوا مرارة الأسر والتشريد على يد نبوخذ نصر ملك بابل، ثم ذاقوا مرارة الذل على يد الرومان، كل ذلك جعلهم يُضمرون الشر للعالم أجمع، وكأن العالم هو المسئول عن عدم امتثالهم لأوامر الله تعالى، فوضعوا الخطط التي تمكنهم من السيطرة على العالم وحكمه، وكأنهم قد اعتراهم خلل نفسي من جراء المعصية، فأرادوا أن يُشاركهم العالم كله ظلام المعصية، وكأنهم أرادوا أن يُخرجوا العالم من النور إلى الظلمات، كما خرجوا هم، فلا يكن لأحد فضل طاعة، بل يكون الكل قد غرق في المعصية، كما تمرغوا هم في وحلها قبل ذلك.
من بين الوسائل التي لجأ إليها اليهود منذ قديم الزمان في خطتهم الموضوعة منذ ألاف السنين للسيطرة العالم الدخول في الأديان الأخرى ليس عن يقين وقناعة وإنما عن كذب ونفاق للكيد لهذا الدين أو ذاك، من خلال العمل على تقويضه وهدمه من داخله، من خلال تشكيك أتباع ذلك الدين في صدقه ومن ثمة الإيمان به، والآن تعالوا بنا نرى كيف فعل اليهود ذلك مع الإسلام ثم مع المسيحية:
(أ‌)           الإسلام: عبد الله بن سبأ
قال تعالى محذرا للمؤمنين من مثل هؤلاء المنافقين من اليهود { و قَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكْفُرُوۤاْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }(3)
قال الإمام الزمخشري – رحمه الله -:
والمعنى: أظهروا الإيمان بما أنزل على المسلمين في أوّل النهار { وَٱكْفُرُواْ } به في أخره لعلهم يشكون في دينهم ويقولون: ما رجعوا وهم أهل كتاب وعلم إلا لأمر قد تبين لهم فيرجعون برجوعكم. وقيل: تواطأ اثنا عشر من أحبار يهود خيبر، وقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أوّل النهار من غير اعتقاد، واكفروا به آخر النهار وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمداً ليس بذلك المنعوت وظهر لنا كذبه وبطلان دينه فإذا فعلتم ذلك شكّ أصحابه في دينهم. (4)
بعد رحيل النبي-صلى الله عليه و سلم- إلى الرفيق الأعلى ، و اندلاع حروب الردة ، و تمكن أبو الصديق-رضي الله عنه- من قمعها ، دخلت إلى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة ، ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين ، فكان دخولها لمناوأة الإسلام ، والانقضاض عليه من الداخل ، فزاحمت مناكبها أصحاب رسول الله-صلى الله عليه و سلم-، حتى أقصتهم عن مكانتهم ، و قبضت على كثير من مرافق الحياة في الأمة.
و قضت في كثير من قضاياها ، وتقدمت و تأخر أهل السبق في الإسلام ، فكان لهذه الشخصيات الدخيلة ، أثر عظيم في ظهور الفرق و المذاهب التي مزقت وحدة المسلمين ، وبددت شملهم، وجعلت القرآن بينهم عضين ، تلجأ إليه كل فرقة وفي يدها سلاح التأويل المنحرف ، لتجعل منه سندا لمذهبها، وحجة على منتحلها . تظاهروا بالحب لآل بيت النبوة ، في الوقت الذي عملوا كل ما من شأنه الإساءة إليهم ، و القضاء عليهم. ، تعرض آل البيت للقهر و الاضطهاد من قبل العناصر المناوئة. لكونهم من البيوت الطاهرة الشريفة التي تربت في بيت النبوة، و نهلت الإسلام من منابعه ، و لذلك فقد أصبحوا في صدارة أهداف العناصر المناوئة التي أظهرت الكيد للإسلام، وكان ذلك في نفاق ماكر،ومكر منافق ، حتى إذا لمعت لها بارقة الخلاف بين المسلمين في خلافة عثمان بن عفان-رضي الله عنه - ، هبت واثبة إلى مكان القيادة ، تسوق الناس بعصا الفتنة العمياء، و تهمزهم إذا فتروا بمهمز المكر و الدهاء.
و كان رأس هذه العناصر المناوئة : عبد الله بن سبأ، الملقب بابن السوداء، و كان من يهود اليمن، وفد إلى الحجاز، وانتحل الإسلام لأغراض كان يسترها، كشفت عنها دعوته المارقة ، (اختزن خياله مرارة الإجلاء اليهودي من الجزيرة العربية، فقدم إلى المدينة بكل توتره و حقده، وأسلم ظاهريا وهو يصر على إغراق هذا المجتمع الناشئ في بحور من الفتنة و الشك)
  حياة ابن سبأ
اُختلف في هوية عبد الله بن سبأ، بسبب السرية التي كان يحيط بها دعوته ومذهبه. وذهب أغلب المؤرخين إلى أن ابن سبأ من صنعاء في اليمن، لكنهم  اختلفوا في كونه  من حِميَر أم من همدان؟! ولأنه من أم حبشية فكثيراً ما يطلق عليه "ابن السوداء". والذي اتفق عليه المؤرخون:أن أصله يهودي أسلم زمن عثمان بن عفان، وأخذ يتنقل في بلاد المسلمين. فبدأ بالحجاز ثم البصرة سنة 33 هـ، ثم الكوفة، ثم أتى الشام ثم مصر سنة 34 هـ واستقر بها، ووضع عقيدتي الوصية والرجعة، وكوّن له في مصر أنصاراً. استمر في مراسلة أتباعه في الكوفة والبصرة. وفي النهاية نجح في تجميع جميع الساخطين على عثمان فتجمعوا في المدينة وقاموا بقتل عثمان. لعب عبد الله بن سبأ دوراً هاماً في بدء معركة الجمل، وإفشال المفاوضات بين علي بن أبي طالب وبين طلحة والزبير. كما أنه أول من أظهر الغلوّ وادعى الألوهية لعلي. فقام علي بإحراق بعض أتباعه، ثم قام بنفي ابن سبأ إلى المدائن. وبعد استشهاد علي، رفض ابن سبأ الاعتراف بذلك، وادعى غيبته بعد وفاته. ويُسمى أتباع ابن سبأ بالسبئية.
موقف علماء السنة
يرى بعض علماء السنة أن ابن سبأ يهودي دخل في الإسلام نفاقاً ليكيد بالإسلام وأهله، ثم أخذ يتنقل بين البلدان الإسلامية مدعياً أن علي ابن أبي طالب أحق بالخلافة من عثمان بن عفان، وبالفعل أثار الشبهات، وجمع من حوله الأنصار وزحفوا من البصرة والكوفة ومصر إلى المدينة المنورة، ولكن علي- رضي الله عنه -  تصدى لهم وأوضح أن أي اعتداء على الخليفة إنما هو إضعاف للإسلام وتفريق للمسلمين، فأقنع المتمردين وقفلوا راجعين. حينها أدرك ابن سبأ أنه على وشك الرجوع خائباً وأن الفرصة أوشكت أن تضيع، لذلك دبر مؤامرة جعلت المتمردين يرجعون ويحيطون ببيت عثمان ويحاصروه، ثم تسلق بعضهم الدار، وقتلوا عثمان وهو يقرأ القرآن سنة 35 هـ، وبمقتل الخليفة عثمان بن عفان  - رضي الله عنه - كان ابن سبأ قد فتح باباً لفتن أخرى طال أمدها بين المسلمين(5) ومن المتوقع أن تكون هذه الفتنة هي التي عناها النبي حين بشر عثمان بالجنة على بلوى تصيبه.
وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبد الله بن ســــبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك وهو أول من أشهر القول بفرض إمـــامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه فمن هناك قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية

أصله و موطنه والخلاف حوله:
عبد الله بن سبأ شخصية ظهرت في فترة خلافة عثمان بن عفان تنسب إليه روايات تاريخية على أنه مُشعل الاضطرابات والاحتجاجات ضد هذا الخليفة ويقال أنه من الغلاة من محبي ومدعي ألوهية الإمام علي بن أبي طالب بل يقولون أنه أصل هذه الفكرة وأنه مؤسس فكرة التشيع. ويعتبر بن سبأ أول من نادى بولاية علي بن أبي طالب، وأول منْ قال  بأن لكل نبي وصي وأن وصي الأمة هو علي بن أبي طالب، وهو أول من اظهر الطعن والشتم في الصحابة وخصوصاً أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة زوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. نسب إليه أنه من أشعل الثورة على عثمان بن عفان وكان السبب في معركة الجمل بعد ذلك. ينسب لابن سبأ أنه أول من غالى في علي وأضفى عليه صفات غير بشرية مما اضطر علي بن أبي طالب إلى التبرؤ منه.
ومؤخرا يحاول بعض المؤرخين أن يجعل ابن سبأ أصل التشيع بصفة عامة وأصل الفتن الإسلامية الأولى كفتنة مقتل عثمان وحرب الجمل ويرجعونه لأصول يهودية مما يجعل تشتت شمل المسلمين جزءا من مؤامرة يهودية كبرى، لكن بالمقابل ينفي المؤرخون الشيعة وجود ابن سبأ أساسا، ويشكك البعض في إمكانية أن يكون لشخص مفرد هذا التأثير الكبير على مجرى تاريخ أمة بكاملها، فمثل هذه الأزمات في رأيهم تكون نتيجة عوامل كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية قد يكون ابن سبأ بما زعم عنه من تأثير عقائدي أحدها لكنه لا يستطيع أن يختصرها جميعا.
وفي المقابل اتفقت العديد من كتب المقالات و الفرق و معظم كتب التاريخ و الأدب التي تعرضت لموضوع الفتنة التي حدثت أيام الخليفة عثمان بن عفان-رضي الله عنه - ، و لحادث مقتل الخليفة علي بن أبى طالب -رضي الله عنه- في الكوفة ، على ذكر عبد الله بن سبأ، و أنه شخصية يهودية ظهر في مجتمع المسلمين بعقائد و أفكار، ليفتن المسلمين في دينهم، ثم اجتمع إليه رعاع القبائل و بعض الموتورين، فاستطاع بهم شق وحدة المسلمين، و إيقاف الفتوحات الخارجية، لتبدأ حروب أهل البيت، و إن كان هناك اختلاف بينهم في عرض أخباره 
شارون وخريطة إسرائيل الكبرى
وتتفق العديد من المصادر السنية والمصادر الشيعية على أن عبد الله بن سبأ يهودي من صنعاء باليمن، أسلم لتدبير المكائد للمسلمين، و بث الفتنة، و عوامل الفرقة و الاختلاف فيما بينهم، ومن تلك المصادر:
أ‌- جاء في تاريخ الطبري:(كان عبد الله بن سبأ يهوديا من صنعاء).(6)
ب-قال ابن عساكر:(عبد الله بن سبأ الذي تنسب إليه السبئية، وهو من الغلاة الرافضة، أصله من اليمن) (7).
ج-قال الناشئ الأكبر:(و كان عبد الله بن سبأ من أهل صنعاء، اسلم على يد علي، و سكن المدائن) (8)
د- قال سعد بن عبد الله القمي الأشعري:(و حكى جماعة من أهل العلم بان عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ، ووالى عليا(9)
هـ- ساق المستشرق الألماني إسرائيل فريد ليندر حججا عديدة في دراسة بعنوان:عبد الله بن سبأ وأصله اليهودي، عن يهودية ابن سبأ و أصله اليمني(10)
و- قال أحمد أمين : ( إن ابن السوداء هذا أتى أبا الدرداء (11) و عبادة بن الصامت ( 12 )فلم يسمعا لقوله، و أخذه عبادة إلى معاوية (13) و قال له : هذا و الله الذي بعث عليك أبا ذر (14)، و نحن نعلم أن ابن السوداء هذا لقب لقب به عبد الله بن سبأ ، وكان يهوديا من صنعاء) (15)
ز- قال د. صالح درادكة ما نصه : (إن أخبار الفتنة وصلتنا عن طرق أخرى غير طرق سيف بن عمر التيمي، وهذه الروايات بعمومها لا تخالف رواية سيف ، و إنما تؤكد صحتها و تضيف إليها بعض التفاصيل، و إذا كان المؤرخون يأخذون برواية سيف ، فلأنهم وجدوا فيها كشفا لليد الخفية التي كانت وراء تنظيم المعارضة على عثمان .. إلى إن يقول: لهذا لا يمكن إنكار وجود السبئية في أحداث ذكرها قدامى المؤرخين للملل و النحل، و مع وضوح حقيقة وجود السبئية يجب أن لا تخفى عن أعيننا الحقيقة الأخرى ، و هي : أنه لولا وجود المعارضة لما تمكن عبد الله بن سبأ من الوصول إلى أهدافه) (16) فكل الروايات التي أوردناها أنفا ، تدل على أن عبد الله بن سبأ، يهودي من صنعاء وهي كانت في أيام احتلال الأحباش لها، قاعدة مهمة لليهود، و الظاهر أنهم أقاموا فيها قبل غزو الأحباش لليمن ( 17)
ومما يؤكد يهودية- عبد الله بن سبأ- ما ذكره الإمام ابن حزم الأندلسي إذ قال ما نصه: (و القسم الثاني من الغالية يقولون بإلهية غير الله عز و جل، و أولهم قوم أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري ( 18) فنسبه إلى قبيلة حمير، و قبيلة حمير كانت تسكن في صنعاء (19).
موقف الشيعة الرافض لوجود ابن سبأ:
ينفي غالبية الشيعة وجود شخصية عبد الله بن سبأ ويعدونها صنيعة خصومهم من أهل السنة لتشويه نشأتهم.يقول الدكتور: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ص 129 من - هوية التشيع -
بالرغم من وفرة المصادر عن الشيعة وبالرغم من خطورة موضوع الكتابة عن العقائد ، وبالرغم من الواقع المجسد للشيعة من مؤسسات دينية وفعاليات عقائدية ومساجد تردد كلمة التوحيد ليل نهار برغم ذلك كله فإننا ما زلنا نرى من يكتب عن الشيعة يترك هذا الواقع القائم وراء ظهره ويولي وجهه شطر كتابات صدرت من قوم كتبوا ومن خلفهم دوافع غير سليمة لمختلف الأسباب فبدلا من أن يعودوا إلى مؤلفات الشيعة أنفسهم رأيناهم يرجعون إلى أقوال صاغها الوهم وافترضها الحقد وخلقتها الخصومة وقد يكون الجهل أحد عوامل وجودها .
ومما افترضه هؤلاء الكتاب بأن عقائد الشيعة الأساسية وضعها يهودي حاقد اندس في صفوف المسلمين اسمه عبد الله بن سبأ .
وهذا العبد المفترض موضوعه طريف جدا ، فقد صنعه قوم واخترعوه اختراعا وأعطوه من الصفات والنعوت ما هو من المعجزات وصنعوا له من القابليات ما لا يمكن نسبته إلا إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن وما تعجز عن تحقيقه أمة قوية فضلا عن فرد وإن مثل هذا الكلام يجسد فجيعتنا بعقولنا قيل أن يجسد هذه الخرافات في تاريخنا وسنرى من الذي حاك عبد الله بن سبأ ، ومن هو ، وما الذي عمله ، ولماذا تربط الشيعة به  .
رأي بعض علماء الشيعة المنصفين في شخصية ابن سبأ:
يقول السيد حسين الموسوي من علماء النجف السابقين:
إن الشائع عندنا -معاشر الشيعة- أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية لا حقيقة لها، اخترعها أهل السنة من أجل الطعن بالشيعة ومعتقداتـهم، فنسبوا إليه تأسيس التشيع، ليصدوا الناس عنهم وعن مذهب أهل البيت.
 وسألت السيد محمّد الحسين آل كاشف الغطاء عن ابن سبأ فقال: إن ابن سبأ خرافة وضعها الأمويون والعباسيون حقداً على آل البيت الأطهار، فينبغي للعاقل أن لا يشغل نفسه بـهذه الشخصية.
 ولكني وجدت في كتابه المعروف (أصل الشيعة وأصولها) ص40-41 ما يدل على وجود هذه الشخصية وثبوتـها حيث قال: "أما عبد الله بن سبأ الذي يلصقونه بالشيعة أو يلصقون الشيعة به، فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن بلعنه والبراءة منه".
 ولا شك أن هذا تصريح بوجود هذه الشخصية، فلما راجعته في ذلك قال: إنا قلنا هذا تقية، فالكتاب المذكور مقصود به أهل السنة، ولهذا اتبعت قولي المذكور بقولي بعده: "على أنه ليس من البعيد رأي القائل أن عبد الله بن سبأ - وأمثاله- كلها أحاديث خرافة وضعها القصاصون وأرباب السمر المجوف".
 وقد ألف السيد مرتضى العسكري كتابه (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى) أنكر فيه وجود شخصية ابن سبأ، كما أنكرها أيضاً السيد محمّد جواد مغنية في تقديمه لكتاب السيد العسكري المذكور.
 وعبد الله بن سبأ هو أحد الأسباب التي ينقم من أجلها أغلب الشيعة على أهل السنة. ولا شك أن الذين تحدثوا عن ابن سبأ من أهل السنة لا يحصون كثرة ولكن لا يعول الشيعة عليهم لأجل الخلاف معهم.
بيد أننا إذا قرأنا كتبنا المعتبرة نجد أن ابن سبأ شخصية حقيقية وإن أنكرها علماؤنا أو بعضهم. وإليك البيان:
 1- عن أبي جعفر عليه السلام: أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين هو الله -تعالى عن ذلك- فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو، وقد كان قد ألقى في روعي أنت الله وأني نبي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى. فحبسه، واستتابه ثلاثة أيام، فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: "إن الشيطان استهواه، فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك".
 وعن أبي عبد الله أنه قال: "لعن الله عبد الله بن سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام، وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً لله طائعاً، الويل لمن كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم". (معرفة أخبار الرجال، للكشي:70-71)، وهناك روايات أخرى.
2- وقال المامقاني: "عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو" وقال: "غال ملعون، حرقه أمير المؤمنين عليه السلام بالنار، وكان يزعم أن علياً إله، وأنه نبي" (تنقيح المقال في علم الرجال: 2/183-184).
3- وقال النوبختي: "السبئية قالوا بإمامة علي وأنـها فرض من الله عز وجل وهم أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وقال: "إن علياً عليه السلام أمره بذلك" فأخذه عليّ فسأله عن قوله هذا، فأقر به فأمر بقتله فصاح الناس إليه: يا أمير المؤمنين أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك؟ فصيره إلى المدائن".
وحكى جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بـهذه المقالة، فقال في إسلامه في علي بن أبي طالب بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه.. فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية" (فرق الشيعة: 32-44). 
4- وقال سعد بن عبد الله الأشعري القمي في معرض كلامه عن السبئية: "السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني، وساعده على ذلك عبد الله بن خرسي وابن اسود وهما من أجل أصحابه، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم" (المقالات والفرق: 20).
5- وقال الصدوق: "وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء وينصب في الدعاء، فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين أليس الله عز وجل بكل مكان؟ قال: بلى، قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أو ما تقرأ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، فمن أين يطلب الرزق إلا موضعه؟ وموضعه -الرزق- ما وعد الله عز وجل السماء}". (من لا يحضره الفقيه: 1/229). 
6- وذكر ابن أبي الحديد: "أن عبد الله بن سبأ قام إلى علي وهو يخطب فقال له: أنت أنت، وجعل يكررها، فقال له -علي-: ويلك من أنا، فقال: أنت الله، فأمر بأخذه وأخذ قوم كانوا معه على رأيه"، (شرح نـهج البلاغة: 5/5).
7- وقال السيد نعمة الله الجزائري: "قال عبد الله بن سبأ لعلي عليه السلام: أنت الإله حقاً، فنفاه علي عليه السلام إلى المدائن، وقيل أنه كان يهودياً فأسلم، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وفي موسى مثل ما قال في علي". (الأنوار النعمانية: 2/234).
فهذه سبعة نصوص من مصادر معتبرة ومتنوعة بعضها في الرجال وبعضها في الفقه والفرق، وتركنا النقل عن مصادر كثيرة لئلا نطيل كلها تثبت وجود شخصية اسمها عبد الله بن سبأ، فلا يمكننا بعد نفي وجودها خصوصاً وإن أمير المؤمنين عليه السلام قد أنزل بابن سبأ عقاباً على قوله فيه بأنه إله، وهذا يعني أن أمير المؤمنين عليه السلام قد التقى عبد الله بن سبأ وكفى بأمير المؤمنين حجة فلا يمكن بعد ذلك إنكار وجوده.
نستفيد من النصوص المتقدمة ما يأتي:
1- إثبات وجود شخصية ابن سبأ ووجود فرقة تناصره وتنادي بقوله، وهذه الفرقة تعرف بالسبئية.
2- إن ابن سبأ هذا كان يهودياً فأظهر الإسلام، وهو وإن أظهر الإسلام إلا أن الحقيقة أنه بقي على يهوديته، وأخذ يبث سمومه من خلال ذلك.
3- إنه هو الذي أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، وكان أول من قال بذلك، وهو أول من قال بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وهو الذي قال بأنه عليه السلام وصى النبي صلى الله عليه وآله، وأنه نقل هذا القول عن اليهودية، وأنه ما قال هذا إلا محبة لأهل البيت ودعوة لولايتهم، والتبرؤ من أعدائهم - وهم الصحابة ومن ولاهم بزعمه-.
إذن شخصية عبد الله بن سبأ حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، ولهذا ورد التنصيص عليها وعلى وجودها في كتبنا ومصادرنا المعتبرة، وللاستزادة في معرفة هذه الشخصية، انظر المصادر الآتية:
الغارات للثقفي، رجال الطوسي، الرجال للحلي، قاموس الرجال للتستري، دائرة المعارف المسماة بمقتبس الأثر للأعلمي الحائري، الكنى والألقاب لعباس القمي، حل الإشكال لأحمد بن طاووس المتوفى سنة (673)، الرجال لابن داود، التحرير للطاووسي، مجمع الرجال للقهبائي، نقد الرجال للتفرشي، جامع الرواة للمقدسي الأردبيلي مناقب آل أبي طالب لابن شهر أشوب، مرآة الأنوار لمحمد بن طاهر العاملي.
فهذه على سبيل المثال لا الحصر أكثر من عشرين مصدراً من مصادرنا تنص كلها على وجود ابن سبأ، فالعجب كل العجب من فقهائنا أمثال المرتضى العسكري والسيد محمّد جواد مغنية وغيرهما في نفي وجود هذه الشخصية، ولا شك أن قولهم ليس فيه شيء من الصحة.(20)


أفكار ومعتقدات عبد الله بن سبأ الفاسدة التي عمل على نشرها بين المسلمين لإفساد عقيدتهم
منذ بزوغ شمس الرسالة المحمدية ، ومن أول يوم كتبت فيه صفحة التاريخ الجديد ، التاريخ الإسلامي المشرق ، احترق قلوب الكفار وأفئدة المشركين ، وبخاصة اليهود في الجزيرة العربية وفى البلاد العربية المجاورة لها ، والمجوس في إيران ، والهندوس في شبه القارة الهندية الباكستانية ، فبدأوا يكيدون للإسلام كيدا ، ويمكرون بالمسلمين مكرا ، قاصدين أن يسدوا سيل هذا النور، ويطفئوا هذه الدعوة النيرة ، فيأبى الله إلا أن يتم نوره ، كما قال في كتابه المجيد{: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(21)
ولكنهم مع هزيمتهم وانكساراتهم لم يتفلل حقدهم وضغينتهم ، فمازالوا داسين ، كائدين. و أول من دس دسَّه هم أبناء اليهودية البغيضة ، المردودة ، بعد طلوع فجر الإسلام ، دسوا في الشريعة الإسلامية باسم الإسلام ، حتى يسهل صرف أبناء المسلمين الجهلة عن عقائد الإسلام ، ومعتقداتهم الصحيحة ، الصافية ، وكان على رأس هؤلاء المكرة المنافقين ، المتظاهرين بالإسلام ، والمبطنين الكفر أشد الكفر، والنفاق ، والباغين عليه ، عبد الله بن سبأ اليهودي ، الخبيث ، - الذي أراد مزاحمة الإسلام ، ومخالفته ، والحيلولة دونه ، وقطع الطريق عليه بعد دخول الجزيرة العربية بأكملها في حوزة الإسلام وقت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد ما انتشر الإسلام في آفاق الأرض وأطرافها ، واكتسح مملكة الروم من جانب ، وسلطنة الفرس من جهة أخرى ، وبلغت فتوحاته من أقصى أفريقيا إلى أقصى آسيا ، وبدأت تخنق راياته على سواحل أوربا وأبوابها ، وتحقق قول الله عز وجل{: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}(22)
 فأراد ابن سبأ هذا مزاحمة هـذا الدين بالنفاق والتظاهر بالإسلام ، لأنه عرف هو وذووه أنه لا يمكن محاربته وجها لوجه ، ولا الوقوف في سبيله جيشا لجيش ، ومعركة بعد معركة ، فإن أسلافهم بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع جربوا هذا فما رجعوا إلا خاسرين ، ومنكوبين ، فخطط هو ويهود صنعاء خطة أرسل إثرها هو ورفقته إلى المدينة، مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعاصمة الخلافة ، في عصر كان يحكم فيه صهر رسول الله ، وصاحبه ، ورضيه ، ذو النورين ، عثمان بن عفان (رضي الله عنه) فبدءوا يبسطون حبائلهم ، ويمدون أشواكهم ، منتظرين الفرص المواطئة ، ومترقبين المواقع الملائمة ، وجعلوا عليا ترسا لهم يتولونه ، ويتشيعون يه ، ويتظاهرون بحبه وولائه ، (وعلي منهم بريء ) ويبثون في نفوس المسلمين سموم الفتنة والفساد، محرضيهم على خليفة رسول الله ، عثمان الغني - رضي الله عنه - الذي ساعد الإسلام والمسلمين بماله إلى مالم يساعدهم أحد ، حتى قال له الرسول الناطق بالوحي عليه السلام حين تجهيزه جيش العسرة "ما ضر عثمان ، ما عمل بعد اليوم" (رواه أحمد والترمذي) وبشره بالجنة مرات ، ومرات، وأخبره بالخلافة والشهادة.
وطفقت هذه الفئة تنشر في المسلمين عقائد تنافي عقائد الإسلام ، من أصلها، وأصولها، ولا تتفق مع دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء  (23)
فلم يكن محبوا الإمام عليٍّ رضي الله عنه يعرفون الحقد والبغضاء على أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهم ، كل
 ما هنالك كان الغُلاة منهم يقدّمون عليّاً على عثمان رضي الله عنهما ، ولا يسبون أحداً ، ولا يحقدون عليه ، ولا يجاهرون بعداوة لأحد ...
حتى ظهر ابن سبأ اليهودي ، فأظهر الإسلام ، ليطعن فيه من الداخل ـ فجاهر بطعن الشيخين ـ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ـ وعامة الصحابة، والتبرؤ منهم ، وسبهم
ثم أخذ يُروج للعديد من المعتقدات الباطلة ، ابتداء من تأليه علي رضي الله عنه حتى القول بكتم النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لتسعة أعشار ما نزل عليه ، مروراً بكثير من الأمور الخطيرة التي  نحاول أن نُجمل بعضها في النقاط التالية:
(1) دعواه بألوهية عليٍّ رضي الله عنه .
إن من أولى ما أشاعه عبد الله بن سبأ ، وتبنّاه عددٌ من الشيعة في زمن سيدنا علي رضي الله عنه دعواه أن عليّاً رضي الله عنه هو الله ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ وهذه وحدها كافية ببيان كفره وغدره ، وحقده على الإسلام والمسلمين . لكن العجب أن يٌنكر بعض الشيعة المتأخرين وجوده.
رغم ما ذكره كل من: محمد الباقر وجعفر الصادق رحمهما الله تعالى ـ الذي نقله الكشي ـ أن عبد الله بن سبأ زعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً وأن علياً رضي الله عنه استتابه فأبى أن يتوب . ونقل ذلك المامقاني وابن أبي الحديد ونعمة الله الجزائري وكثير غيرهم
وقد تأثر بهذا القول كثير من الشيعة ، مما اضطر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى استتابتهم ، فلما أبوا الرجوع عن معتقدهم حرَّقهم بالنار . وأقتصر على رواية واحدة مما في كتب الشيعة ، نظرا لأن أصل الموضوع معروف ومستفيض عند عامة أهل العلم من السنة والشيعة معاً .
روى الكليني في كتابه الكافي ـ في كتاب الحدود ، بسنده إلى أبي عبد الله جعفر الصادق رحمه الله تعالى قال ـ : أتى قومٌ أميرَ المؤمنين عليه السلام فقالوا : السلام عليك يا ربنا . فاستتابهم ، فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة ، وأوقد فيها ناراً ،... فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة حتى ماتوا .اهـ من الكافي (7 : 257ـ 259)
وهو من أوثق كتب الشيعة حتى عدوه بمقام صحيح البخاري عند السنة .
وانظر : مقياس الهداية (3 : 89 ـ 90) وتنقيح المقال ،وكسر الصنم ، وانظر ابن سبأ (53 ـ63) فقد ذكر نصوصاً كثيرة في ذلك 
 (2) ادعاء ابن سبأ النبوة
لقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الساعة لن تقوم حتى يظهر دجالون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه نبيّ، ولا نبيَّ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والحديث متواتر.
وهذه الدعوى كافية في بيان كفره ، لأن الله تعالى يقول عن نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}
فقد ختم الله تعالى برسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم النبوةَ والرسالةَ
فقد نقل الكشي ـ بسنده إلى محمد الباقر رحمه الله تعالى ـ أن عبد الله بن سبأ كان يدَّعي النبوة ، وزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ، فدعاه ، وسأله فأقر بذلك ، وقال : نعم ، أنت هو . وقد كان أُلقِي في روعي أنك أنت الله ، وأني نبي . فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ويلك ، قد سخر منك الشيطان، فارجع عن هذا ثكلتك أمُّك وتب، فأبى .
كما مر من رجال الكشي ط كربلاء ( 98) وط الأخرى (70 (وقاموس الرجال (5 :461(وتنقيح المقال للمامقاني ( 2 : 183 ـ 184 )
(3) ادعاء الوصاية لعلي رضي الله عنه
إن من القضايا التي أثارها ابن سبأ ـ نقلاً عن اليهودية ـ دعوى الوصية ، والولاية ، وشاركهم في ذلك ابن السوداء اليهودي أيضاً .
قال النوبختي : حكى جماعةٌ من أهل العلم ـ من أصحاب عليٍّ عليه السلام ـ أن عبد الله بنَ سبأ كان يهوديّاً ، فأسلم ، ووالى عليّاً عليه السلام ، وكان يقول ـ وهو على يهوديته ـ في يوشع بن نون :
وصي بعد موسى ، على نبينا وآله وعليهما السلام ، فقال في إسلامه ـ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ـ في عليٍّ عليه السلام بمثل ذلك ...
قال النوبختي : فمن هنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذٌ من اليهودية . من فرق الشيعة للنوبختي ( 44 (ونقله الكشي في رجاله (101)والمامقاني في تنقيح المقال في أحوال الرجال ،والتستري في قاموس الرجال ( 5 : 462 )
فقول النوبختي والكشي: هو ـ أي ابن سبأ ـ أول من أشهر القول بفرض إمامة علي . صريح في نقل هذه العقيدة من اليهودية وتبنتها الرافضة ، كما سيأتي في آخر الرسالة إن شاء الله تعالى - أرجو التنبه لقول النوبختي(إن أصل الرفض مأخوذٌ من اليهودية ) ثم كيف ينكر بعضُ متأخريهم وجوده ، ويزعمون أنه من صنع أهل السنة !!!
(4) دعواه بعصمة الأئمة من القضايا التي أثارها ابن سبأ وبقيت موجودة عند الرافضة إلى اليوم :ادعاء العصمة لهم جاء في تاريخ الإمامية (158 (إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحةً ، دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما هو الحال عند أهل السنة . وفيها (140) ولما كان الإمام معصوماً عند الإمامية فلا مجال للشك فيما يقول لهذا قال المامقاني : إن أحاديثنا كلها قطعية الصدور عن المعصوم . من تنقيح المقال ( 1 : 177 )
(5) دعواه أن عليّاً رضي الله عنه لم يمت ، وأنه باق .
من القضايا التي نشرها بين الشيعة وهي موجودة إلى الآن : دعواه عدم موت سيدنا علي رضي الله عنه
قال النوبختي : لما بلغ عبد الله بن سبأ نعي عليٍّ عليه السلام بالمدائن قال للذي نعاه : كذبتَ ، لو جئتنا بدماغه في سبعين صرةً ، وأقمتَ على قتله سبعين عدلاً؛ لعلمنا أنه لم يمت ، ولم يُقتل ، ولا يموت حتى يملك الأرض .من فرق الشيعة (43(وانظر قاموس الرجال للتستري (5: 463(والمقالات والفِرَق للقمي ( 21 )
زاد القمي في روايته : ثم مضوا من يومهم حتى أناخوا بباب عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته ، الطامع في الوصول إليه .
فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده : سبحان الله ، ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد؟!
قالوا : إنا لنعلم أنه لم يقتل، ولا يموت ، حتى يسوق العربَ بسيفه وسوطه ، كما قادهم بحجته وبرهانه ، وإنه ليسمع النجوى ، ويعرف تحت الدثار الثقيل ، ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام .
وقال أبو القاسم البلخي: كما نقله القاضي عبد الجبار البصري المعتزلي (ت 415) : فلما قُتل أمير المؤمنين عليه السلام قيل لابن سبأ : قد قُتل ومات ودفن ، فأين ما كنت تقول من مصيره إلى الشام ؟!
فقال : سمعته يقول: لا أموت حتى أركل برجلي من رحاب الكوفة فأستخرج منها السلاح، وأصير إلى دمشق ، فأهدم مسجدها حجراً حجراً [ أرجو الانتباه إلى هذا الافتراء ] وأفعل وأفعل.
فلو جئتمونا بدماغه مسروداً لما صدقنا أنه قد مات . ولما افتضح بُهت .
وادعى على أمير المؤمنين ما لم يقله، والشيعة الذين يقولون بقوله الآن بالكوفة كثير، وفي سواها والعراق كله يقولون:
أمير المؤمنين كان راضياً بقوله ، وبقول الذين حرّقهم . وإنما أحرقهم لأنهم أظهروا السر. ثم أحياهم بعد ذلك .
قالوا : وإلا فقولوا لنا لِمَ لم يحرّق عبد الله بن سبأ ؟!
قلنا : عبد الله ما أقر عنده بما أقر أولئك ، وإنما اتهمه فنفاه .
ولو حرَّقه لما نفع ذلك معكم شيئاً ، ولقلتم إنما حرَّقه لأنه أظهر السر.اهـ
من تثبيت دلائل النبوة (2 : 549 ـ 550(
عجباً لهؤلاء القوم ، يكذبون على عليٍّ رضي الله عنه ، ثم ينسبون عليه الكذب ، ويزعمون أنه رضي الله عنه يحيي الموتى ، ويهدم المساجد ، وأنه يظهر ما لا يبطن ـ حاشاه ـ وأنه راض بدعواهم له الألوهية ،وأنه حرَّق السبئية لأنهم أظهروا السر ، ولو حرَّق ابن سبأ لقالوا إنما حرّقه لأنه أظهر السر والسر هو ادّعاء علي رضي الله عنه الربوبية .كذبوا والله عليه ، وإنه والله هو منها بريء
(6) ادعاؤهم أنه رضي الله عنه يعلم الغيب وأنه يحيي الموتى .
لقد مر في الفقرة السابقة : وإنما أحرقهم لأنهم أظهروا السر. ثم أحياهم بعد ذلك.
كما مر قول القمي ـ الحوار بين السبئية وأهل بيت أمير المؤمنين ـ وفيه :
فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده : سبحان الله ، ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ؟ !قالوا : إنا لنعلم أنه لم يقتل ، ولا يموت ، حتى يسوق العربَ بسيفه وسوطه ، كما قادهم بحجته وبرهانه ، وإنه ليسمع النجوى ، ويعرف تحت الدثار الثقيل ، ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام . ـ فهم يعتقدون بعدم موته ، وأنه يسمع النجوى ،... الخ .
وسيأتي نص في الفقرة التالية بأوضح

(7) ادعاؤهم أن عليّاً رضي الله عنه أُعطي معرفة آجال العباد وما يقع منهم
ومما بثه في صفوف الشيعة
أن سيدنا عليّاً رضي الله عنه أعطي معرفة آجال الناس ، وما يقع لهم من البلايا والمحن ، وفصل الخطاب ، والرجعة إلى الدنيا ،...
فقد روى الثقات منهم عن عليٍّ رضي الله عنه قال
أُعطيت الستّ ؛ علم المنايا ، والبلايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإني لصاحب الكرات ، ودولة الدول، وإني لصاحب العصا، والميسم، والدابة التي تكلم الناس من بصائر الدرجات الكبرى (4: 219ـ221)وأصول الكافي (1: 198)وانظر بحار الأنوار للمجلسي (26 : 142) لبيان معنى هذا القول.

(8)ادّعاؤهم بالرجعة
روى القمي في تفسيره بسنده إلى أبي عبد الله ـ جعفر الصادق رحمه الله تعالى ـ حيث فسر قوله تعالى {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} بالرجعة . وقال : صيحة القائم من السماء { ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} قال : هي الرجعة من تفسير القمي ( 2 : 327 )
وروى عند تفسير قوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ }عن أبي عبد الله قال : ما بعث الله نبيّاً من الأنبياء من لدن آدم فهلم جرّاً ، إلا ويرجع إلى الدنيا وينصر أمير المؤمنين ( علي ) وهو قوله : {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} يعني : رسول الله {وَلَتَنْصُرُنَّهُ} يعني : أمير المؤمنين
وروى القمي في تفسيره عن أبي عبد الله ـ جعفر الصادق عليه السلام قال : انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين وهو نائم في المسجد؛ قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحرّكه برجله ثم قال له : قم يا دابَّةُ الأرض فقال رجلٌ من أصحابه : يا رسول الله، أيسمي بعضُنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال : لا والله ، ما هو إلا له خاصة ، وهو الدّابة التي ذكر الله في كتابه { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُون }
ثم قال : يا علي ، إذا كان في آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك مَيْسَم تَسِم به أعداءَك
فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام : إن الناس يقولون : هذه الدّابة إنما تُكَلِّمُهم ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام : كَلّمهم الله في نار جهنم . إنما هو يكْلِمهم من الكلم . من تفسير القمي (2: 130ـ 131(
قلت : هذا تحريفٌ من القول، فالآية صريحةٌ في الكلام، وليس في الكلم، أي الوسم ، كوسم الدواب ، ثم كيف يرضون أن يكون الإنسان المؤمن المكرّم العزيز دابّةً بهيمة ؟!
وقد روى جعفر الصادق عن آبائه ، عن جابر قال : لما بويع علي رضي الله عنه خطب الناسَ
فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له : أنت دابة الأرض
فقال له : اتق الله .
فقال له : أنت الملِك .
فقال : اتق الله .
فقال : أنت خلقتَ الخلقَ ، وبسطتَ الرزق . فأمر بقتله .
فاجتمعت الرافضة فقالت : دعه ، وانفه إلى ساباط المدائن .
من تاريخ دمشق ، وانظر مجمع البيان للطبرسي ( 4 : 234 ) وتفسير القمي في الموضع المشار إليه .
وعن علي بن الحسين رضي الله عنهما قال : جاءني رجل من أهل البصرة،
فقال: جئتك في حاجة من البصرة، وما جئتك حاجّاً ولا معتمراً.
قلت له : وما حاجتك؟
فقال : جئت لأسألك متى يُبعث علي بن أبي طالب؟
قال : فقلت له: يُبعث والله يوم القيامة، ثم تُهمّه نفسه .
من تهذيب الكمال (20: 396 )
وعن عَمرو بن الأصم قال :
قلت للحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ : إن هذه الشيعة يزعمون أن عليّاً ـ رضي الله عنه ـ مبعوثٌ قبل يوم القيامة .
قال : كذبوا ، والله ما هؤلاء بشيعته ، لو علمنا أنه مبعوثٌ ما زوَّجنا نساءَه ، ولا اقتسمنا مالَه . رواه ابن سعد والحاكم ومسدد والطبراني .
وأول من نادى بالرجعة هو ابن سبأ ـ عليه من الله ما يستحق ـ انظر ما سبق في فقرة سابقة مما ذكره سعد بن عبد الله القمي في المقالات والفِرَق .
وكذا ما قاله القمي في تفسيره كما مر أيضاً . وانظر عقائد القائم [ المهدي ] 
(9) دعواهم بتناسخ الأرواح ، وعدم الموت
وذلك أنهم يرون أن روح القدس كانت في النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، كما كانت في عيسى عليه السلام ، ثم انتقلت إلى علي ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين رضي الله عنهم، ثم كذلك في الأئمة رحمهم الله تعالى ، وعامتهم يقولون بالتناسخ والرجعة ، وكان هؤلاء يسمون(بـالطيارة ) وأنهم لا يموتون ، وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس
قال المفضل ـ كما نقله الكليني في الكافي ـ :
إن روح القدس روح خاص بالنبي ، ينتقل بعد موته إلى بدن وصيه تماماً ، كانتقال الروح من جسم إلى جسم .وقال الكليني : إن روح محمد تسري في أجساد الأئمة .
وقال الطوسي ـ في ترجمة نصر بن صباح البلخي ، الذي عدّه المامقاني من الأئمة ، وقد أكثر المشايخ من النقل عنه على وجه الاعتماد ، وقد بلغ إلى حد لا مزيد عليه ـ: لقي جلة من كان في عصره من المشايخ والعلماء ،
وروى عنهم ، إلا أنه قيل : كان من الطيارة ، غالي انظر رجال الطوسي ( 515(
ومقباس الهداية (121)
وقد رد عليهم النبوختي بكتابه (الرد على أصحاب التناسخ ) كما في مقدمة فرق الشيعة له ( 17 )وقال السيد الرضا : من قال بالتناسخ فهو كافر . من الكافي
 
(10) دعواهم كتم النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم تسعة أعشار الوحي وإطلاعهم عليه كله
لقد زعم السبئية أن النبيَّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ـ حاشاه ـ كتم تسعةَ أعشار ما نزل عليه من الوحي ، وأن الله تعالى هداهم إليه .
وأنه ـ بالإضافة إلى التوراة والإنجيل والزبور ...ـ كلها موجودة عند القائم ،
وقد رد عليهم الحسن بن محمد ابن الحنفية في رسالته (الإرجاء) وهو مخطوط
وقد جاء فيها ـ كما نقله ابن أبي الحديد ـ ما يلي ، يقولون : هُدينا لوحْيٍ ضلَّ عنه الناس ، وعِلمٍ خفي عنهم . وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتم تسعة أعشار الوحي
ولو كتم صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً مما أنزل عليه لكتم شأن امرأة زيد
وقولَه تعالى : { تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ... } من شرح نهج البلاغة ( 2 : 309 (
وجاء في ترجمة ابن سبأ : أن القرآن جزء من تسعة أعشار ، وعلمُه عند علي . فنهاه علي بعدما همَّ به .أين هم من حفظ الله عز وجل لكتابه الكريم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}وقوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} فهل بلّغ أم لا ؟؟؟

ـ(11) الطعن بالصحابة رضي الله عنهم والتبرؤ منهم
إن ابن سبأ اليهودي هو أول من طعن بالصحابة عموماً وبأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم وبرأهم من طعنه- حتى إن سيدنا عليّاً رضي الله عنه هَمَّ بقتله، لولا تصايح الناس ، فنفاه إلى المدائن
قال النوبختي ـ في ذكره للسبئية ـ
أصحابُ عبد الله بن سبأ ، وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة ، وتبرأ منهم ، وقال : إن عليّاً عليه السلام أمره بذلك .
فأخذه عليٌّ فسأله عن قوله هذا فأقر به ، فأمر بقتله، فصاح الناس إليه : يا أمير المؤمنين، أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت، وإلى ولايتك، والبراءة من أعدائك؟فصيَّره إلى المدائن . من فرق الشيعة (44)
وقاموس الرجال (5 : 463 (وخير دليل على طعنهم بالصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ، وطهرهم من رجس الرافضة القصيدة الأرزية، والتي أعيد طبعها في بغداد يوم كان الناس مشغولين في دعوى التقارب ، وكان مندوب أهل السنة ـ المتشيّع ـ يخطب في النجف بحضور كاشف الغطاء

(12) ـ دعواهم خيانة جبريل عليه السلام ـ حاشاه ـ
ومما يلتحق بمعقتداتهم : دعواهم أن جبريل عليه السلام خان الأمانة ، فبدلاً من أن يعطي الرسالةَ لعلي رضي الله عنه أعطاها للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يدري هؤلاء الأغبياء أنهم في قولهم هذا قد طعنوا في الله تعالى {اللُه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} كما طعنوا في رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، كيف يدعي ما ليس له ، وفي علي رضي الله عنه ، كيف لم يطالب بما أُخذ منه
(13) ـ الغلو في الأئمة وتفضيلهم على النبيِّ الكريم وعلى سائر الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام :
ورفعهم فوق مستوى البشر ، وأنهم يُحيون ويُميتون الغلو في الأئمة وتفضيلهم على النبيِّ الكريم وعلى سائر الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام (24) 

أهداف عبد الله بن سبأ اليهودي من نشر تلك الأفكار والمعتقدات
يمكن إيجاز أبرز أهداف ابن سبأ التي أراد بلوغها من خلال نشره لتلك الخرافات بين المسلمين، وذلك من خلال دراسة ما تقدم من تلك الأفكار والمعتقدات:
إخراج المسلمين من دينهم، وذلك بما يبثه من أفكار تخرج معتنقها من الملة ، انتقاماً لما حصل لليهود في الحجاز ، فعمل على تعكير  صفاء هذا الدين ونقاؤه ،يشك فيه أتباعه ويبحثوا عن دين غيره.
إيجاد فِرقة أو طائفة تدعي الإسلام ظاهراً ، تعيش بين المسلمين ـ على معتقده ومذهبه ـ يكون هدفها إفساد الإسلام من الداخل، بالإضافة إلى شق صف المسلمين ، وعدم اتحادهم ، ودس الفتنة والوقيعة بين المسلمين .
قطع العلاقة بين المسلمين المتأخرين وجيل الصحابة رضي الله عنهم ، بما يبثه من تشويه لصورة الصحابة، وأنهم كفروا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخالفوا أوامره ، وحذفوا ، أو حرّفوا ـ حاشى لله ـ كثيراً من الآيات والسور من القرآن الكريم
الانتقام من شيوخ الإسلام الثلاثة ومن كل ما يتصل بهم رضي الله عنهم [أبو بكر وعمر وعثمان] وتشويه صورتهم .لأن أبا بكر رضي الله عنه هو سيد المسلمين وإمامهم وأكثر خلق الله قرباً وأعظمهم منزلة ومكانة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أول خليفة لهم ، الذي ثبت الله تعالى على يديه الدولة الإسلامية ، وقضى على المرتدين ، فكانت فترة خلافته امتداداً للعهد النبوي
ولأن الخليفتين الآخرين [عمر وعثمان] رضي الله عنهما هما اللذان قضيا على الحكم الفارسي في الشرق ، وعلى البيزنطي في الشام
إدخال عقائد اليهود والنصارى في صفوف المسلمين الذين يتبعونه ، لإفساد عقيدتهم، فأدخلوا عقيدة تأليه علي رضي الله عنه ـ كما حصل من تأليه عدد من أنبياء بني إسرائيل ، وادعاء الربوبية للأئمة ، وأدخلوا عقيدة الولاية والوصاية ـ وهي من أهم عقائد اليهود ـ وأدخلوا عقيدة الرجعة التوراتية ، بالإضافة إلى إضفاء صفات الألوهية على الأئمة ، ابتداء من إطلاعهم على علم الغيب ، إلى مقاسمة الله تعالى في الجنة والنار ، والإحياء والإماتة ، ومشورة الله لهم ، وغير ذلك كثير .
الانتقام من النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، والطعن فيه لكن من طريق غير مباشر ، وذلك بأن يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكث ثلاثاً وعشرين سنة يدعو هؤلاء الناس ، ولم يبق من صحابته على الصدق والإخلاص سوى أربعة أشخاص، لأنهم كلهم ارتدوا بعده ، فماذا كان يفعل؟ ومعنى هذا أنه كان مغشوشاً بهم، وليس عنده من الحصافة والفطنة وبعد النظر والفراسة ما يكشف هؤلاء المقربين منه.
8ـالانتقام لليهود ، لأن الإسلام هو الذي كشف زيف اليهود والنصارى في تحريفهم لكتبهم ، وتزويرها وتغييرها ، لذا ادّعوا التحريف والحذف في القرآن ليكون كالتوراة والإنجيل ، وحتى يتسنى إثبات دعوى الولاية والوصاية ، وليتم لهم دعوى أن الصحابة رضي الله عنهم بأجمعهم هم الذين حذفوها من القرآن الكريم (25)

المراجع
(1) البقرة 41 : 47
(2) البقرة 61
(3) آل عمران: 72
(4) تفسير الكشاف للزمخشري
(5)البيطار، خالد:عثمان بن عفان، الأردن، مكتبة المنار للطباعة والنشر 1409 هـ / 1988 م
(6) الشابي، علي، 1971م، النشرة العلمية لجامعة الزيتونة، كلية الشريعة وأصول الدين، أثر التراث الشرقي في المذهب السبئية، ص 245-ع1، السنة الأولى، ص 245.
(7) الطبري، أبو جعفر محمد، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق عبد السلام هارون، 1950م, ج4، ط2، القاهرة، ص283، وانظر أبو الشعر، هند، 1983م، حركة المختار بن أبي عبيد الثقفي في الكوفة، ص329.
3-
ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، (ت 571هـ) مختصر تاريخ دمشق، ج12، بيروت ص 219.
(8)الناشئ الأكبر، مسائل الإمامة ومقتطفات من الكتاب الأوسط للمقالات، تحقيق يوسف فان، 1971م،
بيروت، ص22-23.
(9)القمي، أبو خلف سعد بن عبد الله الاشعري، المقالات والفرق، تحقيق محمد جواد مشكور، 1963م، طهران، ص 20-21.
(10)بدوي، عبد الرحمن، مذاهب الإسلاميين، ج2، دار العلم للملايين، بيروت، ص 219.
(11)  أبو الدرداء، عويمر أو عامر، واسم أبيه ثعلبة أو عبد الله، اسلم يوم بدر، ولاه معاوية قضاء دمشق توفي سنة 32هـ، ابن حجر احمد بن علي العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، نشر دار التراث العربي،ط1، 1328 هـ،ج4، بيروت، ص 28.
(12) عبادة بن الصامت كان من النقباء، شهد بدراً و المشاهد كلها مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم – أرسله عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- إلى فلسطين ليعلم أهلها القرآن ويفقههم في الدين، توفي سنة 34 هـ، وقيل عاش إلى سنة 45 هـ، الإصابة ج4،ص 28.
(13) معاوية بن أبي سفيان، اسلم بعد الحديبية، وكتم إسلامه حتى أظهره عام الفتح، وكان في القضاء مسلما، أورده ضمن كتاب النبي – صلى الله عليه وسلم- كثير من المؤرخين كالطبري في تاريخ الأمم والملوك- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ج6،ص179، واليعقوبي احمد بن أبي يعقوب بن جعفر، ط دار صادر بيروت،ج2، ص 81 وغيرهما.
(14) أبو ذر، جندب بن جنادة الغفاري، كان رابع أربعة سبقوا إلى الإسلام، توفي بالربذة – عام 32 هـ، طبقات ابن سعد، ج 4، ص 161-171 .
(15)  أمين، أحمد، 1969م، فجر الإسلام، دار الكتاب اللبناني، ط1، ص 136.
12-
درادكة، صالح موسى، 1992م، العلاقات العربية اليهودية حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين، ط1، عمان، ص 203-411.
(16) مجلة الرسالة المصرية، عدد 775، ص 525.
(17)   ابن حزم، أبو محمد علي بن احمد بن حزم، -الفصل في الملل و الأهواء والنحل، تحقيق محمد إبراهيم نصر وزميله، ج4،ص186.
http://www.saaid.net/bahoth/43.htm-(18)
(19) طريق الإسلام: الملل والنحل والفرق والمذاهب
                     http://ar.islamway.net/article/1902
(20) الشيعة والسنة (ص15 -20) لإحسان إلهي ظهير - رحمه الله. بتصرف بسيط.
(21) سورة الصف
(22) سورة النور.
(23)عبد الله ابن سبأ اليهودي مدعى التشيع افكارة ودعواه وحقيقته http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=94602
(24)كتاب اثر اليهود والنصارى والمجوس فى التشيع
(25)  : من كتاب "لله.. ثم للتاريخ"   --- شبكة الدفاع عن أهل السنة
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=94602

وانظر أيضا:
1.      البيطار، خالد:عثمان بن عفان، الأردن، مكتبة المنار للطباعة والنشر 1409 هـ / 1988 م
2.    أعشى همدان، ديوانه، ص 147
3.   العدني: كتاب الإيمان، ص249.
4.     ابن قتيبة: المعارف، ص267.
5.     عبد الله بن سبأ وأكاذيب أخرى - مرتضى العسكري
6.    ابن هلال الثقفي -الغارات ص302 - دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع
7.    وعاظ السلاطين صفحه 111
8.    مصنف ابن أبي الشيبة(7/354)
9.    ابن حجرفي لسان الميزان، ج3، ص 280
10. وتهذيب التهذيب، ج2، ص 214
11.  رجال الكشي " (ص 70 - 101 ط مؤسسة الأعلمي بكربلاء العراق)
12."تنقيح المقال في أحوال الرجال " للمامقاني، (ص 184 ج 2 ط طهران)
13.            "فرق الشيعة" للنوبختي (ص 43 و44 ط المطبعة الحيدرية بالنجف، العراق، سنة 1379ه - 1959م)
14. روضة الصفا" في اللغة الفارسية (ص 292 ج 2 ط إيران)
15. مسائل الإمامة" (ص 22-23) للناشئ الأكبر.
16.المقالات والفرق" (ص 20 طهران 1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي) للقمي.
17.فرق الشيعة " (ص 23) للنوبختي.
18.الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305) لأبي حاتم الرازي.
19.من لا يحضره الفقه (1|213) للقمي.
20.                        شرح عقائد الصدور (ص 257) للمفيد.
21.تهذيب الأحكام (2|322) للطوسي.
22.                       مناقب آل أبي طالب (1\227-228) لابن شهر.
23.                      شرح نهج البلاغة (2|99) لابن أبي الحديد.
24.                       جال الحلي (2|71).
25.                       تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6)
26.                       جامع الرواة (1\485) للأردبيلي.
27.                       الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25|286-287) للمجلسي
28.                       الأنوار النعمانية (2\234) للجزائري.
29.                       مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62) للعاملي.
30.                       تاريخ الشيعة (ص 10) للمظفر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق