الفصل السادس: بني صهيون
أولا: صفات اليهود في القرآن
الكريم والسنة النبوية المطهرة.
(18) الجبن
والحرص على الحياة.
فاليهود أجبن خلق الله - تبارك وتعالى - على الإطلاق، ومن تتبع
التاريخ عرف حقيقتهم, فقد كانوا في
الماضي يتحصنون في الحصون المنيعة خوفاً من المسلمين, والمتابع في وقتنا
الحاضر لصراعهم مع إخواننا في أرض فلسطين فإنه يلاحظ كيف أنهم يخافون من الحجارة
فتجدهم يهرولون هاربين منها مذعورين
بالرغم من أنهم يحملون أعتي السلاح.
فهم قوم قد غلبهم جبنهم الشديد، وليس أدل على ذلك من تحملهم الحياة
أذلاء في أحياء فقيرة معزولة (الجيتو) فالمهم عند اليهودي أن يحيى حياة، ولا يهمه
أي حياة.
وكثيرا ما نقل المجاهدون
العرب كيف كان جنود اليهود يربطهم قادتهم
بالجنازير داخل دباباتهم كي لا يهربون في حروبهم مع العرب حتى أنهم اخترعوا
المستوطنات والقرى العسكرية المحصنة والجدار الفاصل هربا وخوفا من ضربات المجاهدين.
فلقد تهالك اليهود على الدنيا ، وحرصوا على الحياة ، مهما كان هذه
الحياة سيئة أو ذليلة ، أو غير شريفة ، وقد أدى بهم ذلك الحرص على الحياة إلى الجبن
الهالع ، والنكوص عن الجهاد في سبيل الله ، ونصرة الحق.
ومن آيات القرآن الكريم التي تؤكد جبن بني
يهود على مر الأيام والعصور:
- في سورة البقرة قال تعالى { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى
حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ
سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ
بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} (1) البقرة:
96
قال الإمام الطبري:
يعنـي بقوله جل ثناؤه{ وَلَتَـجِدَنّهُمْ
أحْرَصَ النّاسِ علـى حَياةٍ } الـيهود يقول: يا مـحمد لتـجدن أشدّ الناس حرصاً علـى
الـحياة فـي الدنـيا وأشدّهم كراهة للـموت
الـيهود.
يعنـي جل ثناؤه بقوله{ وَمِنَ
الّذِينَ أشْرَكُوا } وأحرص من الذين أشركوا علـى الـحياة، كما يقال:
هو أشجع الناس ومن عنترة، بـمعنى: هو أشجع من الناس ومن عنترة، فكذلك قوله:
{ وَمِنَ الّذِينَ أشْرَكُوا } لأن معنى الكلام: ولتـجدنّ يا مـحمد الـيهود
من بنـي إسرائيـل أحرص الناس علـى حياة ومن الذين أشركوا. فلـما أضيف
«أحرص» إلـى «الناس»، وفـيه تأويـل «من» أظهرت بعد حرف العطف ردًّا علـى
التأويـل الذي ذكرنا.
وإنـما وصف
الله جل ثناؤه الـيهود بأنهم أحرص الناس علـى الـحياة لعلـمهم بـما قد أعدّ
لهم فـي الآخرة علـى كفرهم بـما لا يقرّ به أهل الشرك، فهم للـموت أكره
من أهل الشرك الذين لا يؤمنون بـالبعث لأنهم يؤمنون بـالبعث، ويعلـمون ما
لهم هنالك من العذاب، وأن الـمشركين لا يصدّقون بـالبعث، ولا العقاب. فـالـيهود أحرص
منهم علـى الـحياة وأكره للـموت.
عن ابن عبـاس{ وَلَتَـجِدنّهُمْ
أحْرَصَ النّاسِ علـى حَياةٍ وَمِنَ الّذِينَ أشْرَكُوا } وذلك
أن الـمشرك لا يرجو بعثاً بعد الـموت فهو يحبّ طول الـحياة، وأن الـيهودي
قد عرف ما له فـي الآخرة من الـخزي بـما ضيع مـما عنده من العلـم.
أما قوله تعالى:
{ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } فالمراد أنه تعالى
بين بعدهم
عن تمني الموت من حيث إنهم يتمنون هذا البقاء ويحرصون عليه هذا الحرص الشديد،
ومن هذا حاله كيف يتصور منه تمني الموت؟ (2)
تفسير
جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري
قال الإمام الرازي:
اختلفوا في المراد بقوله
تعالى: { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } على ثلاثة أقوال قيل المجوس:
لأنهم كانوا يقولون لملكهم: عش ألف نيروز وألف مهرجان، وعن ابن عباس
هو قول الأعاجم: زي هزارسال، وقيل: المراد مشركوا العرب وقيل: كل مشرك لا
يؤمن بالمعاد، لأنا بينا أن حرص هؤلاء على الدنيا ينبغي أن يكون أكثر وليس
المراد من ذكر ألف سنة قول الأعاجم عش ألف سنة، بل المراد به التكثير وهو
معروف في كلام العرب
أما قوله تعالى: { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن
يُعَمَّرَ } ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: في أن قوله: { وَمَا هُوَ } كناية عماذا؟ فيه ثلاثة أقوال:
المسألة الأولى: في أن قوله: { وَمَا هُوَ } كناية عماذا؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها:
أنه كناية عن «أحدهم» الذي جرى ذكره أي وما أحدهم بمن يزحزحه من النار تعميره،
وثانيها: أنه ضمير لما دل عليه «يعمر» من مصدره و (أن يعمر) بدل منه،
وثالثها: أن يكون مبهماً و (أن يعمر) موضحه.
المسألة الثانية: الزحزحة التبعيد والإنحاء،
قال القاضي: والمراد أنه لا
يؤثر في إزالة
العذاب أقل تأثير ولو قال تعالى: وما هو بمبعده وبمنجيه لم يدل على قلة
التأثير كدلالة هذا القول
وأما قوله
تعالى: { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } فاعلم أن البصر قد يراد
به العلم، يقال: إن لفلان بصراً بهذا الأمر، أي معرفة، وقد يراد به أنه
على صفة لو وجدت المبصرات لأبصرها وكلا الوصفين يصحان عليه سبحانه إلا أن
من قال: إن في الأعمال ما لا يصح أن يرى حُمِلَ هذا البصر على العلم لا محالة
والله أعلم.
(3) تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي
- في
سورة المائدة: قال
الله - تبارك وتعالى - عنهم: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ
وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا
فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ
عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ
غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ يَا
مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ
وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (4) سورة المائدة:22- 24.
وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه
عن جواب قوم موسى علـيه السلام، إذا أمرهم بدخول الأرض الـمقدسة، أنهم
أبوا علـيه إجابة إلـى ما أمرهم به من ذلك، واعتلُّوا علـيه فـي ذلك بأن
قالوا: إن فـي الأرض الـمقدسة التـي تأمرنا بدخولها قوماً جبـارين لا طاقة
لنا بحربهم ولا قوّة لنا بهم.
عن الربـيع، قال: إن موسى
علـيه السلام قال لقومه: إنـي سأبعث رجالاً يأتوننـي بخبرهم وإنه أخذ من
كلّ سبط رجلاً، فكانوا اثنـي عشر نقـيبـاً، فقال: سيروا إلـيهم وحدثونـي حديثهم
وما أمرهم ولا تـخافوا إن الله معكم ما أقمتـم الصلاة، وآتـيتـم الزكاة،
وآمنتـم برسله، وعزّرتـموهم، وأقرضتـم الله قرضاً حسناً.
ثم
إن القوم
ساروا حتـى هجموا علـيهم، فرأوا أقواماً لهم أجساماً عجبٌ، عظماً وقوّة،
وأنه فـيـما ذكر أبصرهم أحد الـجبـارين، وهم لا يألون أن يخفوا أنفسهم
حين رأوا العجب، فأخذ ذلك الـجبـار منهم رجالاً، فأتـى رئيسهم، فألقاهم
قدامه، فعجبوا وضحكوا منهم، فقال قائل منهم: إن هؤلاء زعموا أنهم أرادوا
غزوكم، وأنه لولا ما دفع الله عنهم لقتلوا. وإنهم رجعوا إلـى موسى علـيه
السلام فحدثوه العجب.
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وإنَّا لَنْ نَدْخُـلَها حتـى
يَخْرُجُوا مِنْها فإنْ يَخْرُجُوا مِنْها فإنَّا داخِـلونَ}وهذا خبر من الله عزّ ذكره عن قول قوم
موسى لـموسى جوابـاً لقوله لهم:{ ادْخُـلُوا
الأرْضَ الـمُقَدَّسَة التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ}
فقالوا{ إنَّا
لَنْ نَدْخُـلَها حتـى يَخْرُجُوا مِنْها } يعنون: من الأرض الـمقدسة
الـجبـارون الذين فـيها، جبناً منهم وجزعاً من قتالهم. وقالوا له: إن يخرج منها
هؤلاء الـجبـارون دخـلناها، وإلاَّ فإنا لا نطيق دخولها وهم فـيها،
لأنه لا طاقة لنا بهم ولا يد.
حدثنا ابن
حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، أن كالب بن يوقنا، أسكت الشعب عن موسى
صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: إنا سنعلو الأرض ونرثها، وإن لنا بهم قوّة.
وأما الذين كانوا معه، فقالوا: لا نستطيع أن نصل إلـى ذلك الشعب من أجل
أنهم أجرأ منا.
ثم إن أولئك الـجواسيس أخبروا بنـي إسرائيـل الـخبر، وقالوا:
إنا مررنا فـي أرض وأحسسناها، فإذا هي تأكل ساكنها، ورأينا رجالها جساماً،
ورأينا الـجبـابرة بنـي الـجبـابرة، وكنا فـي أعينهم مثل الـجراد. فأرجفت الـجماعة
من بنـي إسرائيـل، فرفعوا أصواتهم بـالبكاء. فبكى الشعب تلك اللـيـلة، ووسوسوا علـى موسى
وهارون، فقالوا لهما: يا لـيتنا متنا فـي أرض مصر، ولـيتنا نـموت فـي هذه البرية
ولـم يدخـلنا الله هذه الأرض لنقع فـي
الـحرب، فتكون نساؤنا وأبناؤنا وأثقالنا غنـيـمة، ولو كنا قعوداً فـي أرض
مصر، كان خيراً لنا وجعل الرجل يقول لأصحابه: تعالوا نـجعل علـينا رأساً
وننصرف إلـى مصر.
(5) تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري
وقال الشيخ السعدي - رحمه الله -: "فما أشنع هذا الكلام منهم،
ومواجهتهم لنبيهم في هذا المقام الحرج الضيق الذي قد دعت الحاجة والضرورة إلى نصرة
نبيهم، وإعزاز أنفسهم" (6) تفسير السعدي (1/228).
- في سورة الحشر قال تعالى عن حالهم: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} (7)سورة الحشر (14).
{ لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ
} ، يعني اليهود، { جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرىً مُحْصَنَةٍ
} ، أي لا يبرزون لقتالكم إنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى والجدران،
وهو قوله: { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " جدار
" على الواحد، وقرأ الآخرون " جُدُر " بضم الجيم والدال على الجمع.
صورة للجدار العازل في فلسطين المحتلة ويظهر فيه برج للمراقبة.
{ بَأْسُهُمْ
بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } ، أي: بعضهم فظٌّ على بعض, وعداوة
بعضهم بعضاً شديدة. وقيل: بأسهم فيما بينهم من وراء الحيطان والحصون شديد، فإذا
خرجوا لكم فهم أجبن خلق الله، { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ
شَتَّى } ، متفرقة مختلفة.قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم، مختلفة شهادتهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق. وقال مجاهد: أراد أن دين المنافقين يخالف دين اليهود. { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}. (8) وتفسير البغوي (8/81).
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "أي: تراهم مجتمعين فتحسبهم
مؤتلفين، وهم مختلفون غاية الاختلاف" (9) تفسير ابن كثير (8/75)
صور لحصن خيبر حصن اليهود المشهور.
وهذه الآيات تصور
لنا ما هم عليه من جبن شديد ، وخور وضعف ، وتعلق بالحياة ، وعصيان لرسل الله تعالى ، وإيثار للراحة والدعة
والكسل ، على العزة والجهاد ؟!
حتى أنهم اخترعوا في زماننا هذا ، ما يسمى بالمستوطنات ، وهي قرى خاصة بهم ، لا يشاركهم
فيها السكنى أحد من خلق الله ؟! والمحصنة والمحمية بالقوة العسكرية
، ثم اخترعوا الجدار الفاصل بينهم وبين المسلمين في فلسطين ؟! لئلا يدخل إليهم
أحد ؟!
فصدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى ( لا
يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ
أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) الحشر : 14
صور لخط بارليف الذي قاتل اليهود من خلفه المصريين في حرب رمضان التحريرية.
أي : لا ثبات لهم ولا عزيمة لهم على القتال ، إلا في قرى محصنة أو من وراء
جدار ، معتمدين عليها ، لا على أنفسهم ، أي : بغير مواجهة ولا مقابلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق